يُعد مرض التوحد أحد اضطرابات النمو الشامل لدى الأطفال، فهو يجعل الطفل المُصاب به مفتقد للطريقة الطبيعية التي تعبر عنها طبيعة مرحلة الطفولة المبكرة التي يمر بها، فنجد الطفل المصاب رافضًا للتفاعل والاتصال مع من حوله، مما يسبب معاناة كبيرة للآباء والأمهات في التواصل معهم.
وقالت الدكتورة إيمان دويدار، استشاري الصحة النفسية للأطفال، إن اضطراب التوحد أو "الذاتوية"، عادة ما يُصيب المهارات الاجتماعية واللغوية لدى الطفل، مضيفة أن هناك العديد من الأعراض التي تظهر على الأطفال المُصابين به، والتي يمكن تمييزهم من خلالها، لكنها تختلف من طفل لآخر، حيث يمكن أن تظهر كلها أو بعضها حسب اختلاف درجة الإصابة.
وأضافت دويدار، في تصريحات خاصة لـ"بوابة الوفد"، أنه من المظاهر الأساسية التى تظهر على الطفل المصاب باضطراب الذاتوية عند ملاحظتها، والتي يجب على الوالدين التوجه سريعًا للمتخصصين فور ظهورها، لمساعدة هذا الطفل على التعايش بصورة أفضل مع من حوله، هو عدم استجابته عندما يناديه والديه باسمه.
وأوضحت استشارية الصحة النفسية للأطفال أن الطفل المصُاب بالتوحد لا يملك القدرة على تواصل بالعين مع من حوله، محاولة الطفل دائمًا لتجنب التلامس الجسدي مع من حوله، ويرفض دائمًا احتضانه أو محاولة لمسه، من قبل الآخرين، وميله دائمًا إلى أن يبقى وحيدًا، ويجلس ويلعب بمفرده ويأبى دخول المحيطين به إلى عالمه الخاص.
وأشارت استشارية الصحة النفسية للأطفال إلى أن الطفل المُصاب بالتوحد يبدأ الكلام في سن السنتين من عمره، ثم يفقد قدرته على الكلام التي كان قد اكتسبها، سواء في بعض الكلمات أو الجمل، ودائمًا ما تكون كلماته مصحوبة بنغمة وكأنه يغني ولكن لغته غير مفهومة، على عكس الأطفال الطبيعيين الذين يتفوهون ببعض الكلمات البسيطة عند بلوغهم لعامهم الأول، ثم تتطور مهارات النمو اللغوي لديهم.
ولفتت استشارية الصحة النفسية للأطفال إلى أن الطفل المصاب بالتوحد يوجد لديه لزمات حركية يقوم بتكرارها باستمرار، كأن "يظل يدور ويلف بطريقة دائرية"، بالإضافة إلى العديد من الحركات غير المفهومة، بالإضافة إلى زيادة ضحكه وبكائه دون أسباب صحية أو منطقية، كأن يضحك فجأة ويبكي فجأة دون سبب واضح.
وأكدت استشارية الصحة النفسية للأطفال أن الطفل المصاب بالتوحد دائمًا ما يبتعد عن الألعاب المثيرة أو التخيلية، كما أنه يركز على الجزء وليس الكل في التعامل مع الأشياء من حوله، كأن نراه مثلًا ممسكًا برجل أو يد دميته الصغيرة فقط دون الأجزاء الأخرى منها، كما أنه يكون أكثر نمطية في حركاته، فليست لديه مهارة الاختلاف، أو التميز عن أقرانه.
وطالبت استشارية الصحة النفسية للأطفال بضرورة تضافر جهود المجتمع المدني، أفراد ومؤسسات، في دعم الأطفال المصابين باضطراب الذاتوية، كما طالبت بإنشاء العديد من المراكز المتخصصة لرعاية هذه الحالات من خلال برامج يضعها المتخصصين وتنفذ فعليًا على أرض الواقع.
وأوصت استشارية الصحة النفسية للأطفال، أباء وأمهات المصابين بالتوحد بالاعتراف بحقيقة طفلهم المختلف، ومدى حاجته إلى الرعاية، والتعامل معه بمزيد من الصبر والجهد، حتى يستطيع أن يعيش ويندمج مع المجتمع من حوله بصورة إيجابية.