نزل ملايين الفرنسيين إلى شوارع باريس، الأحد، ليؤكدوا عزمهم على مواجهة الاعتداءات الإرهابية بوحدة الصف، فحملوا الأعلام الثلاثية الألوان، وأكدوا بشرائحهم المختلفة أنهم جميعا «شارلي»، بعد الاعتداء الدامي الذي استهدف المجلة الساخرة واعتداءات أخرى أدت إلى مقتل 17 شخصا.


وخرج نحو مليون ونصف مليون شخص في باريس لتحدي الخوف والدفاع عن حرية التعبير. والتجمع الحاشد كان «لا سابق له» حسبما أكدت السلطات الفرنسية.

وحملوا لافتات عديدة إضافة إلى الشعار التقليدي «أنا شارلي»، ومثل «حرية مساواة ارسم واكتب !!» و«أنا مسلم ولست إرهابيا».

الكثيرون منهم أتوا مع عائلاتهم من جميع الأجيال، فجاءت إيمانويل (44 عاما) مع والدتها سوزان (76 عاما) وأولادها، وقالت الأم «جئنا لنؤكد لهم أهمية الديمقراطية وأننا لا نخاف».

وأضافت سوزان «جئت أيضا على سبيل التضامن والأخوة، فهناك أشخاص في بلادي لا يشعرون بأنهم فرنسيون ومسؤوليتنا مشتركة. ولا أريد أن أترك البلاد في حالة يرثى لها لأولادي وأحفادي».

وعلى أحد أطراف ساحة «لا ريبوبليك»، أو (الجمهورية)، تجمع عدد من الشبان وهم يحملون لافتة كتب عليها «أنا مسلم ولست إرهابيا».

سفيان، المدرس البالغ التاسعة والعشرين من العمر، حمل لافتة كتب عليها «ديانتي هي ديانة الحب» وكان محاطا بعدد من صديقاته.

ولكن السؤال الصعب: الفرنسيون المسلمون الذين يتراوح عددهم ما بين 4 -5 ملايين شخص هل شاركوا في المسيرة بكثافة خصوصا بعد أن صدرت دعوات إليهم تدعوهم للتنديد بالجرائم التي ترتكب باسم الإسلام؟.

كان من الصعب الحصول على جواب لهذا السؤال الحساس. إلا أن لافتات ارتفعت في باريس تؤكد على الوحدة بين شرائح المجتمع الفرنسي مثل «أنا يهودي، أنا مسلم، أنا مسيحي، أنا ملحد، أنا فرنسي».

ولم يكن العلم الفرنسي وحده في الساحة، بل ارتفعت إلى جانبه ولو بأعداد أقل أعلام جزائرية وتونسية وأمريكية وإسرائيلية.

وكلما بدأ أحدهم بالنشيد الوطني الفرنسي «المارسيياز»، كان الحشد يهتف وراءه بحماس، ووصل الآلاف إلى ساحة «لا ريبوبليك»، قبل ساعات عدة من موعد التجمع.

بعضهم كان يدمع تأثرا والبعض الآخر كان يمازح وآخرون كانوا لا يخفون غضبهم ... كما لم يخل الأمر من بعض التوترات.

وشرح جد في الستينيات من العمر وقال إنه يهودي وإنه يتظاهر لأنه «خائف» على مستقبل أحفاده. وقال «أريد حمايتهم ضد أشخاص ولدوا هنا ويرتكبون شناعات».

وتقدم المسيرة أقرباء الضحايا ورؤساء ورؤساء حكومات 44 بلدا بينهم، الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، الذي تأبط ذراع الرئيس المالي، إبراهيم بوبكر كيتا، من جهة وذراع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، من جهة ثانية. أما رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، فكان كل منهما على طرف من طرفي الصف الأمامي للتظاهرة.

وبعد الالتزام بدقيقة صمت وأخذ الصور، غادر رؤساء الدول المكان وبقي الحشد في المكان لا بل واصل تدفق القادمين الجدد إليه.

الكثير من المشاركين في المسيرة كانوا يبدأون كلامهم بالقول «إنها المرة الأولى التي أتظاهر فيها».

حتى إن سائق عربة مترو قال على مقربة من مكان المسيرة، «أنا سعيد لأنني أعمل اليوم لأكون قادرا على نقل أكبر عدد ممكن من الناس للمشاركة في المسيرة الجمهورية».