النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    الصورة الرمزية احلام عمرنا
    احلام عمرنا غير متواجد حالياً عضو نشيط
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    8,216

    افتراضي أرواح تهيم حول العرش


    أرواح تهيم حول العأرواح تهيم حول العرش____وأخرى تحوم حول الحُش

    قال الإمام العلامة بحر العلوم ابن القيم فى كتابه المتحف طريق الهجرتين

    فنبأ القوم عجيب ، وأمرهم خفي إلا على من له مشاركة مع القوم ، فإنه يطلع من حالهم على ما يريه إياه القدر المشترك ، وجملة أمرهم أنهم قوم قد امتلأت قلوبهم من معرفة الله ، وغمرت بمحبته ، وخشيته ، وإجلاله ، ومراقبته ؛ فسرت المحبة في أجزائهم ؛ فلم يبق فليها عرق ولا مفصل إلا وقد دخله الحب ، قد أنساهم حبه ذكر غيره ، وأوحشهم أنسهم به ممن سواه ، قد فنا بحبه عن حب من سواه ، وبذكره عن ذكر من سواه ، وبخوفه ، ورجائه ، والرغبة إليه ، والرهبة منه ، والتوكل عليه ، والإنابة إليه ، والسكون إليه ، والتذلل ، والانكسار بين يديه عن تعلق ذلك منهم بغيره .

    فإذا وضع أحدهم جنبه على مضجعه ؛ صعدت أنفاسه إلى إلهه ومولاه ، واجتمع همه عليه متذكرًا صفاته العلى وأسماءه الحسنى ،

    ومشاهدًا له في اسمائه وصفاته قد تجلت على قلبه أنوارها ؛ فانصبغ قلبه بمعرفته ومحبته ، فبات جسمه في فراشه يتجافى عن مضجعه ، وقلبه قد أوى إلى مولاه وحبيبه ؛ فآواه إليه وأسجده بين يديه خاضعًا خاشعًا ذليلاً منكسرًا من كل جهة من جهاته ، فيا لها سجدة ما أشرفها من سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء .

    وقيل لبعض العارفين : أيسجد القلب بين يدي ربه ؟!

    قال : أي والله بسجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم القيامة .
    فشتان بين قلب يبيت عند ربه قد قطع في سفره إليه بيداء الأكوان ، وخرق حجب الطبيعة ، ولم يقف عند رسم ولا سكن إلى علم حتى دخل على ربه في داره ؛

    فشاهد عز سلطانه ، وعظمة جلاله ، وعلو شأنه ، وبهاء كماله ، وهو مستو على عرشه ، يدبر أمر عباده ، وتصعد إليه شؤون العباد ، وتعرض عليه حوائجهم وأعمالهم ؛ فيأمر فيها بما يشاء ؛ فينزل الأمر من عنده نافذًا ،


    فيشاهد الملك الحق قيومًا بنفسه ، مقيما لكل ما سواه ، غنيا عن كل من سواه ، وكل من سواه فقير إليه ، يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن ، يغفر ذنبًا ، ويفرج كربًا ، ويفك عانيًا ، وينصر ضعيفًا ، ويجبر كسيرًا ، ويغني فقيرًا ، ويميت ويحيي ، ويسعد ويشقي ، ويضل ويهدي ، وينعم على قوم ، ويسلب نعمته عن آخرين ، ويعز أقواما ، ويذل آخرين ، ويرفع أقواما ، ويضع آخرين ،

    ويشهده كما أخبر عنه أعلم الخلق به وأصدقهم في خبره حيث يقول في الحديث الصحيح : يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة ، سحاء الليل والنهار ، أرأيتم ما أنفق منذ خلق الخلق ، فإنه لم يغض ما في يمينه ، وبيده الأخرى الميزان :يخفض ويرفع .

    فيشاهده كذلك يقسم الأرزاق ، ويجزل العطايا ، ويمن بفضله على من يشاء من عباده بيمينه ، وباليد الأخرى الميزان يخفض به من يشاء ، ويرفع به من يشاء عدلاً منه وحكمة ، لا إله إلا هو العزيز الحكيم ،

    فيشهده وحده القيوم بأمر السموات والأرض ومن فيهن ، ليس له بواب فيستأذن ، ولا حاجب فيدخل عليه ، ولا وزير فيؤتى ، ولا ظهير فيستعان به ، ولا ولي من دونه فيشفع به إليه ، ولا نائب عنه فيعرفه حوائج عباده ، ولا معين له فيعاونه على قضائها ، أحاط - سبحانه - بها علمًا ، ووسعها قدرة ورحمة ، فلا تزيده كثرة الحاجات إلا جودًا وكرمًا ، ولا يشغله منها شأن عن شأن ، ولا تغلطه كثرة المسائل ، ولا يتبرم بإلحاح الملحين ، لو اجتمع أول خلقه وآخرهم ، وإنسهم وجنهم ، وقاموا في صعيد واحد ، ثم سألوه فأعطى كلا منهم مسألته ما نقص ذلك مما عنده ذرة واحدة ، إلا كما ينقص المخيط البحر إذا غمس فيه ، ولو أن أولهم وآخرهم ، وإنسهم وجنهم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منهم ما زاد ذلك في ملكه شيئا ، ذلك بأنه الغني الجواد الماجد ، فعطاؤه كلام ، وعذابه من كلام ، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون .

    ويشهده كما أخبر عنه أيضا الصادق المصدوق حيث يقول: إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه .

    وبالجملة فيشهده في كلامه فقد تجلى - سبحانه وتعالى- لعباده في كلامه ، وتراءى لهم فيه ، وتعرف إليهم فيه ، فبعدًا وتبًا للجاحدين والظالمين أفي الله شك فاطر السموات والأرض لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) .

    " عظمته سبحانه وتعالى



    تأمّل خطاب القرآن تجد ملكا له الملك كله, وله الحمد كله

    أزمّة الامور كلها بيده, ومصدرها منه, ومردّها اليه,

    مستويا على سرير ملكه, لا تخفى عليه خافية في أقطار مملكته,

    عالما بما في نفوس عبيده, مطّلعا على أسرارهم وعلانيتهم,

    منفردا بتدبير المملكة, يسمع ويرى, يمنع ويعطي,

    ويثيب ويعاقب, ويكرم ويهين, يخلق ويرزق,

    ويميت ويحيي, ويقدر ويقضي ويدبّر.



    الأمور نازلة من عنده دقيقها وجليلها, وصاعدة إليه

    لا تتحرّك ذرّة إلا باذنه, ولا تسقط ورقة إلا بعلمه.



    فتأمّل كيف تجده يثني على نفسه,

    ويمجّد نفسه, ويحمد نفسه,

    وينصح عباده, ويدلّهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم,

    ويرغّبهم فيه, ويحذّرهم مما فيه هلاكهم,


    ويتعرّف إليهم بأسمائه وصفاته, ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه,

    فيذكّرهم بنعمه عليهم, ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها,

    ويحذّرهم من نقمه

    ويذكّرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه,

    وما أعد لهم من العقوبة إن عصوه,

    ويخبرهم بصنعه في أوليائه وأعدائه,

    وكيف كانت عاقبة هؤلاء,


    ويثني على أوليائه بصالح أعمالهم, وأحسن أوصافهم,

    ويذم أعدائه بسيّء أعمالهم, وقبيح صفاتهم.



    ويضرب الأمثال, وينوّع الأدلّة والبراهين,

    ويجيب عن شبه أعدائه أحسن الأجوبة,

    ويصدق الصادق, ويكذب الكاذب,

    ويقول الحق, ويهدي السبيل,


    ويدعو الى دار السلام, ويذكر أوصافها وصفاتها وحسنها ونعيمها,

    ويحذّر من دار البوار, ويذكر عذابها وقبحها وآلامها,


    ويذّكر عباده فقرهم إليه وشدّة حاجتهم إليه من كل وجه,

    وأنهم لا غنى لهم عنه طرفة عين,

    ويذكر غناه عنهم وعن جميع الموجودات,

    وأنه الغني بنفسه عن كل ما سواه,

    وكل ما سواه فقير إليه بنفسه,

    وأنه لا ينال أحد ذرّة من الخير فما فوقها إلا بفضله ورحمته,

    ولا ذرّة من الشر فما فوقها إلا بعدله وحكمته.

    ويشهد من خطابه عتابه لأحبابه ألطف عتاب,


    وأنه مع ذلك مقيل عثراتهم وغافر زلاتهم ومقيم أعذارهم,

    ومصلح فاسدهم والدافع عنهم,

    والمحامي عنهم, والناصر لهم, والكفيل بمصالحهم,

    والمنجي لهم من كل كرب, والموفي لهم بوعده,

    وأنه وليّهم الذي لا ولي لهم سواه


    فهو مولاهم الحق, ونصيرهم على عدوهم,

    فنعم المولى ونعم النصير.



    فاذا شهدت القلوب من القرآن ملكا عظيما رحيما

    جوادا جميلا هذا شأنه

    فكيف لا تحبّه,
    وتنافس في القرب منه,

    وتنفق أنفاسها في التودد اليه,

    ويكون أحب اليها من كل ما سواه,

    ورضاه آثر عندها من رضا كل ما سواه؟

    وكيف لا تلهج بذكره,

    ويصير الحب والشوق إليه والأنس به

    غذاؤها وقوتها ودواؤها,

    بحيث إن فقدت ذلك

    فسدت وهلكت, ولم تنتفع بحياتها ؟. "


    وقال




    الفوائد ، ص 180 بتصرف
    [ من الناس من يعرف الله بالجود والإفضال والإحسان،

    ومنهم من يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز،

    ومنهم من يعرفه بالبطش والانتقام،

    ومنهم من يعرفه بالعلم والحكمة،

    ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء،

    ومنهم من يعرفه بالرحمة والبر واللطف،

    ومنهم من يعرفه بالقهر والملك،

    ومنهم من يعرفه بإجابة دعوته وإغاثة لهفته وقضاء حاجته،


    وأعمُّ هؤلاء معرفةً من عرفه من كلامه،

    فإنه يعرف ربًا
    قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال،

    منزهٌ عن المثال،
    بريءٌ من النقائص والعيوب،


    له كل اسم حسن وكل وصف كمال،

    فعَّالٌ لما يريد،

    فوقَ كل شيء ،
    ومع كل شيء،

    وقادرٌ على كل شيء،
    ومقيمٌ لكل شيء،

    متكلمٌ بكلماته الدينية والكونية،

    أكبرُ من كل شيء،
    وأجملُ من كل شيء،

    أرحمُ الراحمين ،
    وأحكمُ الحاكمين،
    وأقدرُ القادرين،


    فالقرآن أُنزل لتعريف عباده به،

    وبصراطه الموصل إليه ،

    وبحال السالكين بعد الوصول إليه ]


  2. #2
    الصورة الرمزية Mr. Bader
    Mr. Bader غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2011
    الإقامة
    اليمن
    المشاركات
    597

    افتراضي

    جميل جداً .. جزاكِ الله خير


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17