أولاً : أنواع البدع.



البدعة في الدين نوعان :

النوع الأول : بدعة قوليّة اعتقاديّة، كمقالات الجهميّة والمعتزلة والرّافضة، وسائر الفرق الضّالّة، واعتقاداتهم .
النوع الثاني : بدعة في العبادات، كالتّعبّد لله بعبادة لم يشرعها، وهي أقسام :
القسم الأول : ما يكون في أصل العبادة : بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع ، كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صيامًا غير مشروع أصلاً ، أو أعيادًا غير مشروعة كأعياد الموالد وغيرها .
القسم الثاني : ما يكون من الزيادة في العبادة المشروعة ، كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلاً .
القسمالثالث : ما يكون في صفة أداء العبادة المشروعة؛ بأن يؤديها على صفة غير مشروعة، وذلك كأداء الأذكار المشروعة بأصوات جماعية مُطربة، والتشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
القسم الرابع : ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع، كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام، فإن أصل الصيام والقيام مشروع، ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل .



*****


ثانياً : أوّل بدعة ظهرت في الإسلام.



وأمَّا أوّل التفرق والابتداع في الإسلام ، فكان بعد مقتل عثمان بن عفان-رضي الله عنه-، وافتراق المسلمين ، فلما اتفق علي بن أبي طالب ومعاوية- رضي الله عنهما-على التحكيم، أنكرت الخوارج، وقالوا: لا حكم إلا الله، وفارقوا جماعة المسلمين، فأرسل إليهم ابن عباس- رضي الله عنهما- فناظرهم فرجع نصفهم، والآخرون أغاروا على ماشية الناس ، واستحلوا دماءهم، فقتلوا ابن خباب ، وقالوا:كنا قتله ، فقاتلهم على- رضي الله عنه-.

وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم منالرمية، لئن لقيتهم لأقتلنّهم قتل عاد، أينما لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم، شر قتيل قتيلهم، وخير قتيل من قتلوه "



*****


ثالثاً : أسباب نشأة البدع.



الابتداع هو الإحداث في الدين ، والإحداث في الدين له أسباب عدة ، منها :
1. الجهل بأدوات الفهم .
2. الجهل بالمقاصد .
3. تحسين الظن بالعقل .
4. اتباع الهوى .
5. القول في الدين بغير علم وقبول ذلك من قائله .
6. الجهل بالسنة ، ويشمل :
أ‌- الجهل بالتمييز بين الأحاديث المقبولة وغيرها .
ب‌- الجهل بمكانة السنة من التشريع .

7. اتباع المتشابه .
8. الأخذ بغير ما اعتبره الشارع طريقاً لإثبات الأحكام.
9. الغلو في بعض الأشخاص .

وقد تجتمع هذه الأسباب، وقد تنفصل، فإذا اجتمعت، فتارة يجتمع منها اثنان، وتارة يجتمع ثلاثة.



*****


رابعاً : وسائل الوقاية من البدع.



1- الاعتصام بالكتاب والسنة، بالإضافة إلى نشر ذلك وتبليغه للناس على أكبر قدر ممكن:

وقد جاءت أوامر الاعتصام بالكتاب والسنة صريحة في ذلك، منها قوله تعالى:{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا } [ آل عمران الآية 103 ] وحبل الله هو القرآن.

2- تطبيق السنة في سلوك الفرد وسلوك المجتمع:
وذلك بتطبيق ما علمه الإنسان من السنة على سلوكه في جميع مجالات الحياة، فتطبيق السنة يجعل البدعة أمراً منكراً في المجتمع، تظهر ملامحها البشعة ومظهرها السيء، وتدل بنفسها على ما تحمله من قبح وتهديد للإسلام والمسلمين، فيجعل الناس ينفرون من البدع ، لعدم قبول الناس وموافقتهم لمرتكب البدعة.

3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

قال تعالى :{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ آل عمران الآية 104 ] .

قال صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " [ رواه التّرمذي وقال حديث حسن صحيح ]

4- القضاء على أسباب البدع:
وأسباب البدع سبق وتكلمنا عنها ، ويكون القضاء عليها بأمور عدة ، منها :
أ- منع العامة من القول في الدين ، وعدم اعتبار آرائهم مهما كانت مناصبهم فيه .
ب- الرد على ما يوجه إلى الدين من حملات ظاهرة أو خفية ، وكشف مظاهر الابتداع، وتسليط الضوء عليها من القرآن والسنة لمنعها من التغلغل والانتشار.

ج- الاحتراز من كل خروج عن حدود السنة مهما قلّ أثره أو صغر أمره.

د- صدّ تيارات الفكر العقائدي والتي لا حاجة للمسلم فيها، بل وردّ النصّ بالتحذير منها، كآراء غير المسلمين فيها يتصل بالعقيدة، أو الأمور الغيبيّة ونحوها.

ه- الاعتماد على الكتاب والسنة فقط في أمور العقيدة التي لا مجال للاجتهاد والاستحسان والقياس فيها. وعدم الاعتماد على ما يعده بعض أهل الضلال مستنداً كالعقل ونحوه. وما هو أوهى من ذلك كالمنامات ونحوها .
و- ترك الخوض في المتشابه؛ لأن الخوض فيه علامة على أهل الزيغ والبدع. وسبب كل بلاء ومصيبة دخلت على المسلمين.