لم يتركنا النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله لتخطفنا الهموم والأحزان وتكدر عيشنا، بل أرشدنا إلى الدواء والعلاج الذي به نعالج همومنا وأحزاننا، وأوصانا من الدعاء ما يخفف عنا ضيق العيش.

ومن تلك الأدعية النبوية قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي، إلا أذهب الله همّه وحزنه وأبدله مكانه فرحا، قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلّمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها”.

وقد بدأ الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى آله الدعاء بكمال إظهار العبودية والتذلل لله سبحانه وتعالى والإنابة إليه، وكذلك الرضا والتسليم بما قسمه الله وأنه عدل من عند الله. والتوسل إلى الله عز وجل بأسمائه كلها سبحانه، ما علم العبد منها وما لم يعلم، وهذه من أحب الوسائل إليه، فإنها بأسمائه، وقد قال تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها [الأعراف:180].

وتضمن الدعاء إشارة إلى أن السبيل إلى جلاء الحزن وذهاب الهم وراحة القلب تكمن في القرآن الكريم، لذا كان دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي”.

فالقرآن الكريم ربيع القلوب، والمراد أن يجعل قلبه مرتاحا إلى القرآن، مائلا إليه، راغبا في تلاوته وتدبره، منوّرا لبصيرته. فتضمن الدعاء أن يحيى قلبه بربيع القرآن، وأن ينوّر به صدره، فتجتمع له الحياة والنور، كما قال تعالى: أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها [الأنعام:122].

ومن الأدعية النبوية الأخرى التي أوصانا بها الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم لعلاج الهموم والأحزان، قول: “لا إله إلا الله العليم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع، ورب الأرض رب العرش الكريم”.

وفي “جامع الترمذي” عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا حزبه أمر قال: “يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث”.

وفي “سنن أبي داود” عن أبي بكرة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: دعوات المكروب: “اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت”.

وعن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ألا أعلمكِ كلمات تقوليهنَّ عند الكرب، أو في الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئًا”.وفي رواية أنها تقال سبع مرات.