تواجه جماعة الإخوان الأردنية مصير الحل، في ظل مواقفها الصدامية وإضرارها بالمصالح الأردنية، وهو ما تترجمه حملات الاعتقالات التي طالت قيادات وكوادر في الجماعة آخرهم الرجل الثاني في التنظيم، والذي دعا من سجن ماركا جماعته إلى الانفتاح على الحكومة في خطوة تعكس اللعبة التي يتقنها الإخوان "الاستكانة إلى حين مرور العاصفة".



وبحسب صحيفة العرب اللندنية، ما تزال حادثة اعتقال زكي بني ارشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين تلقي بظلالها على الساحة السياسية الأردنية، وسط تواتر المؤشرات التي تفيد بوجود توجه لحل الجماعة في حال استمرت على نهجها الضار بالصالح العام.



وكانت مصادر أمنية كشفت أن تيارًا قويًا في دوائر صنع القرار الأردني يتبنى موقف حل الجماعة، وأن اعتقال بني ارشيد المحسوب على تيار الصقور يندرج في هذا الإطار.



ويعود هذا الموقف بالأساس إلى وجود معطيات استخبارية تفيد بتورط الجماعة في حبك مخططات ومشاريع تستهدف مصالح الأردن، الأمر الذي يدفع في اتجاه تبني شعار "الحل هو الحل" في مواجهة الإخوان.



وللتذكير فإن السلطات الأردنية كانت قد اعتقلت، الخميس الماضي، نائب المرشد العام لجماعة إخوان الأردن، بتهمة "تعكير صفو العلاقات مع دولة شقيقة"، في إشارة إلى تصريحات له في موقعه الرسمي على الشبكة العنكبوتية والتي تضمنت إساءة لدولة الإمارات العربية المتحدة على خلفية إعلانها جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًا.



وهذه المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال قيادي بارز في الإخوان، الأمر الذي يتنافى وسياسة غض الطرف التي عادة ما تعتمدها الحكومة الأردنية في مواجهة الجماعة رغم "إساءاتها المتكررة" طيلة السنوات الأخيرة الماضية، وفق المتابعين. وتتقاطع مواقف ورؤى عديد المحللين مع التسريبات التي ذكرناها والقائلة بوجود نية لحل الجماعة أو على أقل تقدير "تقليم أظافرها".



ويستدل المحللون والخبراء في الجماعات الإسلامية على ذلك بالاعتقالات التي طالت في الفترة الأخيرة أعضاء وكوادر في التنظيم الإسلامي، آخرهم اعتقال أربعة مهندسين ينتمون إلى الجماعة بتهمة الإرهاب، وقبلها تم اعتقال عضو مجلس شورى الجماعة محمد سعيد بكر الذي لا يزال موقوفًا لدى أمن الدولة.



ويعزو هؤلاء هذا التوجه الجديد للحكومة الأردنية إلى التصعيد الذي ما انفكت تعمد إليه قيادات الجماعة على غرار هجومها الأخير على الحكومة واتهامها بالتقاعس في الدفاع عن "المقدسات والشؤون الإسلامية بالقدس"، الأمر الذي بات يثير غضب الدوائر الأردنية.



هذا الهجوم الذي لا يعكس وفق الخبراء في شئون التنظيمات الإسلامية حرص هذه الجماعة على الاهتمام بالفلسطينيين وما يواجهونه في القدس أو في غزة بقدر ما هو مزايدة سياسية، ومسعى لتأليب الرأي العام ضد النظام الأردني.



وفي هذا الصدد يقول الكاتب الصحفي الأردني إسلام العياصرة إن موقف الجماعة وهجومهم المتواصل على الموقف الرسمي الأردني ينطوي على تناقضات كثيرة خاصة إذا ما استحضرنا موقف الرئيس المصري المعزول محمد مرسي من المسئولين الإسرائيليين خلال فترة حكمه، أو الموقف التركي الذي انتقد عملية القدس الأخيرة.



هذا التصعيد الإخواني لم يبق محصورًا في دائرة الانتقادات للحكومة بشأن تعاملها مع القضية الفلسطينية بل تعداها إلى السعي لتوتير العلاقات الأردنية مع محيطها الإقليمي، من خلال التهجم على دول لطالما دعمت الأردنيين واحتضنت الآلاف منهم وأدمجتهم في دورتها الاقتصادية.



ويتوقع متابعون أن صفعة اعتقال بني ارشيد التي اعتبرت بمثابة التحذير الأخير من شأنها أن تعيد حسابات الجماعة، وأن تعمد إلى تغيير موقفها الصدامي مع الدولة، وإلا فإن خيار الحل سيكون مطروحًا وبقوة.



وهذه التوقعات ليست من فراغ، فقد ترجمتها رسالة بني ارشيد من داخل سجن ماركا والتي أماط اللثام عنها مراد العضايلة أحد قيادات الإخوان، حيث دعا فيها جماعته إلى ضرورة الانفتاح على الحكومة وإقامة حوار معها، وهو ما يؤشر على تغير وصف بـ"الشكلي" في موقف هذا الرجل المعروف عنه تشدده وتصريحاته الاستفزازية الموجهة إلى ظهر الحكومة.



للإشارة فإن المتابع لمسيرة الجماعة وتاريخها بفروعها الممتدة في العالم العربي يلاحظ أنها أكثر من بارعة في الاستكانة إلى حين مرور "العاصفة"، وهو ما يدلل عليه الموقف الأخير للرجل الثاني إخوان الأردن.