إن تصور إجابة الدعاء، نوع من الاستغراق في الطلب، الذي يخرج كل شيء من الذهن إلا ذلك المطلب الحيوي، أي الدخول في حالة الاضطرار، التي وعد المولى عزوجل أن يجيب المضطر إذا دعاه. ولذلك سنشرح بعض الأمثلة التي تساعد على قوة التخيل، وبالتالي شدة الاستغراق في الدعاء:
تخيل نفسك حالياً في الصورة المطلوبة مستقبلاً.. فإذا كنت مثلاً ترغب في سيارة جديدة، فعليك أن تتصور نفسك في المستقبل، ومعك السيارة الجديدة، وأنت تقودها، وأنك تدفع مصاريف تشغيلها، ويجب أيضاً أن تدمج في تصورك وجود النقود اللازمة، وهكذا.. وهذا معناه أنك يجب أن تطلب حصولك على هذه النقود.
- يجب أن يكون دعاؤك لأشياء قريبة من مستواك الاجتماعي، من ناحية الامكانيات والتحقيق، ثم تتدرج في الطلب، حتى لا تطالب بشيء بعيد جداً تحقيقه.
- وبعد أن تقرر تماماً وبوضح الشيء المطلوب تحقيقه (بعد دراسة مستفيضة لذلك الشيء) عليك أن تأخذ رأي النفس الدنيا عن القرار الذي ستتخذه في هذا الشأن، وتشرح للنفس الدنيا كل التفاصيل وأسباب الطلب، وكيف أنه مفيد وطيب، وسيحقق لك الاستفادة.
- وفي هذه الحالة، يجب أن تجلس مسترخياً (أعضاؤك وعقلك) وأن تسمح للنفس الدنيا بمتابعة الموضوع معك، حينما تتخيل أن الدعاء سيستجاب لك، وأن الحياة الجديدة المطلوبة ستكون مريحة وسعيدة.. وفي خلال هذا التمرين: عليك أن تراقب النفس الدنيا وعينك شبه مغلقة، وتلاحظ ردود فعلها.. وستجد سروراً وانقباضاً أو ضيقاً، وغير ذلك من الانفعالات، كرد على سؤالك الباطني من النفس الدنيا.
- ولمراقبة هذه الانفعالات الآتية من النفس الدنيا: يمكنك أن تخاطب النفس الدنيا بصوت مسموع، وتشرح لها كل التفصيلات، خاصة إذاكانت النفس الدنيا قد بدات امتعاضها للموضوع، فعليك أن تشرح لها فائدته وميزته.
- وبعد الحصول على موافقة النفس الدنيا، أي بعد اطمئنانك إلى موافقتها أو اقتناعها، يكون التوافق قد تم بين النفس الدنيا والنفس الوسطى.. وحينئذ يمكنك أن تسأل النفس الدنيا: هل هذه الحالة أو هذا الموضوع يُذَكِّرك بشيء يضايقك حدث في الماضي؟ هل يمكنك إعطائي صورة أو تذكِرة عما حدث؟
- ثم انتظر مسترخياً، فقد ترسلا لنفس الدنيا إلى الشعور الواعي، الشيء الذي كان يضايقها.. فإذا حدث ذلك، فيمكن إذن دراسة ومناقشة وتوضيح للنفس الدنيا، أن هذا الشيء غير الشيء الطلوب، وأنهلا علاقة بينهما.. ولذلك يزيد اطمئنانها وبالتالي استجابتها لما ترجوه.
دور النفس العليا في إجابة الدعاء:
عندما يدعو الإنسان بثروة مثلاً لنفسه، فإن النفس العليا تنتظر لتحقيق ذلك.. أما إذا كان يدعو لعائلته مثلاً، فإن الذي يجيب هو النفس العليا للعائلة كلها.. وإذا كان دعاؤه لمجموعة أكبر من الناس، فإنه سيكون في انتظار الإجابة عن طريق النفس السامية للمجموعة الكبرى.
ومهما كان مركز الإنسان، ومهما كان هذا المركز ضعيفاً، فإن النفس العليا مستعدة دائماً لمساعدته وتحقيق رغباته.. فعلى الإنسان أن يطرق الباب ليفتح له، لكي يرسل عن طريقه القوة الحيوية، ليتمكن من تكوين البذور، اللازمة لتكوين الأشكال الفكرية. وهذه القوة الحيوية التيت رسلها النفس الدنيا إلى النفسا لعليا تعتبر أرضية عند النفس الدنيا، ولكنها تتحول إلى أمطار لدى النفس العليا، تمثل ذرات النشاط الخيِّر.
فالمطلوب إذن من النفس الدنيا: تكوين الصورة الفكرية، وتبصيرها بالتعاون وتكوين الشحنة اللازمة من القوة الحيوية، ثم إرسالها عن طريق الحبل الأثيري إلى النفس العليا.
وهناك بعض العلامات، لمعرفة ما إذا كان الاتصال قد نجح مع النفس العليا أم لا.. وتلك العلامات تتمثل في الانفعالات الآتية:
1- نوع يشبه الرعشة في جميع أجزاء الجسم، وكأنه مطر من الكهرباء الخفيفة هابطاً من النفس العليا.. وأحياناً يكون نوعاً من الرعشة الخفيفة في اليدين داخلياً، أو حول العمود الفقري، أو عند الأعضاء الجنسية، أو في الجسم حتى أطراف القمين.. وقد يمكث ذلك الشعورلمدة ثانية أو أكثر، وعادة يترك بعده أثراً طيباً، أو استقرار أو سكينة.
2- وأحياناً يكون ذلك عن طريق مشاعر مختلفة بين الفرح والحب والعبادة.. وهذا الشعور لا يُخلق بإرادة الإنسان، ولكن يحدث من النفس الدنيا كعلامة على سرورها باتصالها بالنفس العليا.
3- وأحياناً يكون ذلك عن طريق شعور يصل إلى مجموعة العصب الشمسية وهو المكان الذي يبدأ منه الحبل الأثيري.. وهذا المكان هو المركز الذي يحتوي على نشاط الذاكرة العقلية للطاقة الحيوية.
علاوة على المشاعر السابقة: يحدث عادة في الوجه والأيادي والعنق نوع من الرجفة.. ومتى تم هذا الاتصال، أصبح من الميسور السير قدماً في التجارب ويحدث عادة هذا الاتصال (كبداية) مرة أو مرتين في حياة الإنسان.