علاج الأحزان من السنة والقرآن



القرآن الكريم والسنة الصحيحة رسما لنا المنهج الوسط للتعامل مع الأحزان ، فالمؤمن في كل أحواله في خير . روى الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( عجباً لأمر المؤمن ؛ إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن : إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صــبر فكان خيراً له ) .
ويؤمن المسلم أيضاً : بأنه بمجرد حصول المصيبة فإنه سيؤجر عليها ـ ناهيك عن موضوع الصبر عليها – فهذا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول :
( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ، ولا هم ولا حزن ، ولا أذى ولا غم ؛ حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه ) رواه البخاري ومسلم .
ومع هذا الأجر العظيم ، فالمسلم موعود من الله إنه هو صبر على أجر أكبر ، قال الله تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ). [ سورة الزمر : 10 ]
فالمسلم يضع أمام ناظريه أن الأمر أمر الله ، وأن القضاء قضاؤه ، وأن القدر قدره ، والذي كان من التوجيه النبوي لابن عباس رضي الله عنهما :
( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ) رواه الترمذي .
فعندما يعلم الإنسان أن الأمور مفروغ منها ومكتوبة ، فإنه يسلم لقضاء الله ، وهذا لايتنافى مع بذله للأسباب ، فهذه الأسباب قد تُبلغ الإنسان المقصود ولكنها هنالك داخلة في قدر الله سبحانه .
إن الإيمان والعمل الصالح طريق أكيد للوقاية من الأحزان ، مصداق ذلك في كتاب الله : ( من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعلمون ). [ سورة النحل : 97 ]
إذن ما هي الحياة الطيبة ؟ أو ليست هي السعادة والطمأنينة ؟ أي وربي ،فكل الباحثين عن السعادة ، وكل من تكلم عن الحياة الطيبة ، لن يصلوا إليها حقيقة إلا بالإيمان والعمل الصالح.
ثم إن كثيراً من المحن تحمل في طياتها المنح والهبات ، ولهذا كان مثل هذا التذكير في كتاب الله ( فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ) . [ الشرح : 5،6 ]
وهذا يعني أنه ما من عسر يأتي إلا ويأتي بعده اليسر .. ولهذا قال ربنا جل في علاه : ( سيجعل الله بعد عسرٍ يسرا ). [ الطلاق : 7 ] .
يكفي أيها المسلم : في المحنة أنها تجعلك تراجع نفسك وتقبل على ربك وتدعوه وتستغفره ، نعم إنها فرصة لمحاسبة النفس : ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) آل عمران
البعض ينتظر المصيبة كي تقع ثم يعود إلى رشده ، وهذا فيه من الفائدة لهذا العائد إلى ربه الكثير، فعليه أن يحمد ربه أن أمهله ، وأن فتح له هذا الباب ، وأن لم يأخذه وهو على ذنبه ، أو مقصر في جناب ربه ، وهذا أيضاً تنبيه لنا جميعاً أن نعود إلى ربنا وأن لا نسوف في التوبة ، وأن لا نؤخر الاستغفار من الذنب . ...
إن من المنهج الوسط في التعامل مع المصائب والنوازل والمحن والأحزان ، ومن ذلك الدعاء ، فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ، والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ) رواه البخاري ومسلم .