يأمل الناجون من فيروس إيبولا في سيراليون الذين جمعتهم السلطات والأمم المتحدة لمشاركة تجربتهم، استعادة مكانهم في المجتمع بعد أن ربحوا المعركة ضد هذا الفيروس لكنهم فقدوا بسببه أقارب لهم أو عملهم أو ممتلكاتهم أو أيضا مستقبل حياتهم.

ويقول سينيسه موموه السائق الذي يشارك مع 34 مريضا آخر شفوا من هذا الوباء في «مؤتمر الناجين من إيبولا» الذي عقد خلال اليومين الماضيين في منطقة كينيما، بشرق البلاد، نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية،: «نعامل مثل المصابين بالجذام حيث ينبذنا المجتمع الذي نشأنا فيه». ويؤكد السائق الذي يعتقد أنه التقط الفيروس من راكب مصاب نقله من كينيما إلى كايلاهون على بعد نحو 50 كلم: «حتى أصدقائي ما عادوا يرغبون في وجودي معهم. هذا المؤتمر سيساعد في تغيير أفكار الناس عنا».

المزارع جيمس جيبه هو أيضا من مجموعة ناجين ينتمون لمختلف الطبقات الاجتماعية وحضروا بدعوة من الحكومة ووكالات ناشطة في مكافحة إيبولا من بينها «اليونيسيف» لمشاركة تجاربهم في جلسات مغلقة. قبل أن تنقلب حياته رأسا على عقب لم يكن جيبه يؤمن بوجود إيبولا. وفي إحدى الليالي استضاف ابن عم له مريضا جرى نقله من قرية مجاورة. «كان لا يكاد يستطيع السير بعد أن أمضى الليل كله وهو يتقيأ» كما قال المزارع الذي أصيب بالفيروس نتيجة تعرضه لسوائل جسد المريض. وأوضح أن إحدى الممرضات نقلته على الأثر بسيارة إسعاف إلى مركز معالجة إيبولا في كايلاهون الذي يدين له بالشفاء.

وأضاف: «تلقيت هناك عناية جيدة حيث كان يجري إطعامي 3 مرات في اليوم وعرفت أنهم سيبذلون كل جهد لإنقاذي. بعد شهرين خرجت من المركز، لكن عندما عدت إلى قريتي جوبهت برفض من كل الذين كنت أعرفهم». وتحدث كيف وضع جيرانه حوله حواجز لدى وصوله ومنعوه من الذهاب لجلب الماء من البئر.

وحتى كلبه الصغير لم ينج من سوء المعاملة إذ قال جيبه «كلما اقترب من منزل أحد الجيران كان الحيوان المسكين يتعرض للرشق بالحجارة. وعمليا اعتمد فقط على ما تقدمه لي المنظمات الإنسانية»، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس.

إيزاتا يلاه سيدة أعمال أصيبت بالمرض عندما ذهبت لرؤية صياد سمك مدين لها بمبلغ مالي في كايلاهون، لكن بسبب الخوف من التعرض للرفض، طلبت منها شقيقتها الاختباء عندما جاء الفريق المكلف رصد حالات الإصابة المحتملة إلى منزلهم. وروت قائلة: «عندما أصبح من الصعب علي تحمل الآلام توجهت إلى مركز تحاليل حيث تأكدت إصابتي بإيبولا. وعندها جرى نقلي إلى مركز للعلاج. وبعد بضعة أسابيع خرجت منه». ومع عودتها إلى المنزل «أبلغوني بأنني نقلت العدوى إلى زوجي الذي توفي وتركني وحدي مع أبنائنا الـ4. كم كنت أتمنى لو أنه توجه سريعا هو أيضا إلى المستشفى ليحصل على فرصة للنجاة». لكنها تعد نفسها «محظوظة» مقارنة بناجين آخرين وقالت: «أحمد الله على أن واحدا منا بقي على قيد الحياة لكي يعتني بالأطفال. وما يشجعني هو أن المجتمع تقبل عودتي ولم ينبذني».

وقالت منظمة «اليونيسيف» إنه أتيح للناجين في كينيما الاستماع إلى خبراء بينهم خبراء في الصحة العقلية والنفسية بشأن «طريقة التغلب على الصدمات والنبذ». كما تعلموا من اختصاصيين كيفية «مساعدة موظفي الصحة والسكان في تقديم الرعاية للأشخاص الموجودين في الحجر الصحي». وأوضحت «اليونيسيف» أن هذا المؤتمر «مشروع ريادي» لضم 2500 ناج إلى فرق المكافحة، كونهم اكتسبوا مناعة ضد الفيروس.

من جهتها، وصفت مايا كايكي المسؤولة الحكومية لشرق سيراليون، الناجين بأنهم «أداة مهمة للتغلب على الوباء». واستنادا إلى منظمة الصحة العالمية فإن آلافا من الناجين من الوباء في غرب أفريقيا أصبحوا محصنين من سلالة «زائير» من فيروس إيبولا. وهذه الحصانة أتاحت لليونيسيف أو المنظمات غير الحكومية أن تعهد لهؤلاء العناية بالأطفال الموجودين في الحجر الصحي أو الذين أصبحوا يتامى بسبب الوباء وأيضا إنقاذ مرضى آخرين من خلال إخضاعهم لعمليات نقل دم من ناجين. كما عهدت منظمة الصحة العالمية إلى ناجين تعليم المعالجين كيفية الحد إلى أقصى حد من مخاطر انتقال العدوى.