بسم الله الرحمن الرحيم


تعريف الأضحية:
هي ما يُذبح من بهمية الأنعام أيام العيد تقربًا إلى الله تعالى.
وهي من شعائر الإسلام المشروعة بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين. والأدلة على ذلك كثيرة معلومة.

حكمها
:


أما مشروعيتها فمحل إجماع من أهل العلم . ثم اختلفوا هل هي مستحبة أم واجبة :

1- فذهب الجمهور (وهم الثلاثة سوى أبي حنيفة) إلى أنها سنة مؤكدة.
2- وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى وجوبها، ورجح هذا القول الإمام ابن تيمية رحمه الله.

ولعل الأظهر هو قول الجمهور لحديث أم سلمة رضي الله عنها مرفوعًا: «إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يُضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئًا» (رواه مسلم).
فقوله: «وأراد» إشارة إلى أن ذلك راجع إلى المشيئة والإرادة وليس على الجزم.
"ولما جاء عن أبي بكر وعمر أنهما كان يتركان الأضحية كراهية أن يقتدى بهما" (أخرجه البيهقي، وصحَّحه الألباني ).


مسألة: عمَّن تكون الأضحية؟


الأصل كون الأضاحي عن الأحياء كما ضحّى النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه وعن أهل بيته، وأما جعلها للأموات فهو على أقسام:

1- أن يضحي عن نفسه وأهل بيته وينوي بهم الأحياء والأموات فهذا حق لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نفسه وأهل بيته وفيهم الأحياء والأموات كخديجة رضي الله عنها.
2- أن يضحي للأموات تنفيذًا لوصاياهم وهذا حق واجب، وليس للمضحي سوى التنفيذ أما أصل العمل فهو للمضحي، ولذا فإن هذا القسم لا يدخل في هذه القسمة.
3- أن يضحي عن الأموات مستقلين كالأب والأم والجد ونحوه وهذا إذا فعله تبرّعًا منه لهم بلغهم ثوابه إن شاء الله.
ولكن الأولى بالمسلم اتباع السُنة والنبي صلى الله عليه وسلم قد ضحى عن نفسه وأهل بيته ولم يخص ميتًا بأضحية مع أنه قد مات من أحبابه وأصحابه الكثيرون كحمزه وجعفر وغيرهما رضي الله عنهم.

شروط الأضحية؛ وهي ستة شروط:


1- كونها من بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم)، والدليل قول الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج من الآية:34].

2- بلوغ السن المعتبرة: وهي خمس سنوات في الإبل وسنتان في البقر وسنة في الغنم، وكل واحدة منها تسمَّى في هذا السن ثنيًا وهي مسنة كذلك.
ويجوز أن يضحي بالجذع من الضأن وهو ما تم له ستة أشهر.
3- أن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء وهي أربعة عيوب:
1- العور البيِّن.
2- المرض البيِّن.
3- العرج البيِّن.
4- الهزال الشديد.


لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أربع: «العرجاء البيِّن ضلعها، والعوراء البيِّن عورها، والمريضة البيِّن مرضها، والعجفاء التي لا تنقي».
4- أن تكون ملكًا للمضحي.
5- أن لا يتعلَّق بها حق للغير كالمرهون.
6- الوقت[ ] : وهو من بعد صلاة العيد إلى غروب شمس اليوم الأخير من أيام التشريق وهو الثالث عشر من ذي الحجة.

مسألة: فيمن تجزئ عنه الأضحية:


إذا ضحّى الرجل بالواحدة من الغنم عنه وعن أهل بيته اجزأه عنه وعن أهل بيته.
وأهل بيته في العرف: هم من يعولهم من زوجات وأولاد وأقارب.
مسألة: فيما يؤكل ويُفرق من الأضحية:
المشهور عند أهل العلم تقسيم الأضحية ثلاثة أقسام:
قسم للأكل وقسم للإهداء وقسم للصدقة.
ولعل الدليل على ذلك قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج من الآية:36]
وقوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}.
القانع: السائل المتذلل، والمعتر: المتعرض للعطية من دون سؤال.
وفي البخاري مرفوعًا: «كلوا وأطعموا وأدخروا».

والأطعام يشمل الهدية والصدقة.
مسألة: اجتناب قص الشعر ونحوه للمضحي:
فيه حديث أم سلمة في صحيح مسلم : «إذا دخلت العشر وأراد أحدٌ منكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره»، وفي لفظٍ: «فلا يمس من شعره ولا بشره شيئًا».

ولعل الحكمة مشاركة الحجاج أثناء أحرامهم بترك بعض الترفه والمراد بذلك من أراد الأضحية أما من يضحَّى عنه كزوجة وولد فلا يدخل تحت ذلك.

ولو أخذ المضحي من شعره وظفره أو بشره شيئًا فعليه الاستغفار والتوبة ولا كفارة عليه وليمض في أضحيته.

الذكاة؛ شروطها:


1- أن يكون المذكي عاقلًا.
2- أن يكون مسلمًا أو كتابيًا.
3- النية.
4- ألا يكون الذبح لغير الله.
5- ألا يذكر على الذبيحة غير اسم لله.
6- ذكر الله اسم الله، فإن نسي لم تجزئه.

قلت: وسمعت العلامة ابن باز رحمه الله مرارًا وهو يذكر أن من نسي التسمية صحت ذبيحة بخلاف من تعمد تركها.
7- كون الزكاة بمحدّد يُنهِر الدم لما في المتفق عليه: «ما أنهر الدم وذُكر اسم الله عليه فكلوا».

ويكون الإنهار بقطع الودجين -وهم عرقان غليظان محيطان بالحلقوم- وتمام الإنهار يكون بقطع الحلقوم وهو مجرى النفس والمرئ وهو مجرى الطعام ليخرج الدم كله.

من آداب التزكية:
يستحب استقبال القبلة عند الذبح وفيه آثارٌ عن السلف. ومن ذلك ما ورد من فعل ابن عمر رضي الله عنهما (أخرجه مالك في الموطأ).
ومن ذلك: "أنه كان يكره أكل ذبيحة ذُبِحت لغير القبلة" (أخرجه عبدالرزاق بإسناد صحيح).
ويجب الإحسان إلى الذبيحة لحديث: «إن لله كتب الإحسان» (أخرجه مسلم).
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها فقال: «أفلا قبل هذا؟ أتريد أن تميتها موتات؟» (صحَّحه الألباني).
ولأحمد أن رجلًا قال: "يا رسول الله أني لا ذبح الشاة وأنا أرحمها فقال: «والشاة إن رحمتها رحمك الله» (صحَّحه الألباني).
ويستحب التكبير مع التسمية لِما في (البخاري): "عن أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم ضحّى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمّى وكبَّر".
ويدعو بالقبول لحديث عائشة
رضي الله عنها عند مسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواء، ويبرك في سواء وينظر في سواد، تم قال لعائشة: «هلمي المدية»، ثم قال: «أشحذيها بحجر»، ثم أضجع الكبش، ثم قال: «بسم الله اللهم تقبَّل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحّى به».


ولا يجوز إعطاء الجزار أجرته من الأضحية لما جاء في الصحيحين من نهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

وفي مسلم أنه قال: «نحن نعطيه من عندنا».
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.