لأكثر من أربعة قرون، وسكان جزر فارو الواقعة على بعد 200 كيلومتر من سواحل اسكتلندا يقومون بذبح ما لا يقل عن 700 من الحيتان والدلافين، لأجل الحصول على لحومها وجلودها، رغم تحذير كبار المسؤولين بوزارة الصحة من خطورة تناول لحوم الحيتان، بسبب الملوثات السامة التي تتركز بأجسادها، حسبما ذكرت منظمة Campaign Whale المعنية بحماية البحار.




وفي عام 2013 تم ذبح ألف و104 من الحيتان، التي يطلق عليها «الطيارة»، و430 دولفين، بعد صيدها بسنانير مصنوعة من الصلب، وجرها إلى الشاطئ ليتم ذبحها جميعًا، وتوزيع لحومها وشحومها وشحومها بين أفراد مجتمع «فارو» كافة، في تقليد يقام كل صيف وتبيحه حكومة جزر الفار.

والحيتان الطيارة هي حيتان ذات أسنان، يتراوح طولها بين 20-25 قدم، يصل وزنها إلى ما يزيد عن الـ5 أطنان. تتميز بصوتها المرتفع، وبخصال اجتماعية، حيث تسبح في مجموعات يطلق عليها الأسراب أو القطعان حيث يضم كل سرب عدد لا يقل عن 100 حوت، وتتغذى بشكل رئيسي على حبار البحر، وفقما نشرت منظمة Campaign Whale.



وأشارت المنظمة إلى تصريحات مسؤول كبير بوزارة الصحة بشأن عدم ملائمة لحوم الحيتان الطيارة للاستهلاك الآدمي، وكذلك تحذير وكالة الأغذية والبيطرة لجزر فارور من الإفراط في تناول لحوم الحيتان الطيارة، حيث قالت أنه لا ينبغي تناولها أكثر من مرة واحدة في الشهر، ومنعت السيدات الحوامل من تناولها نهائيًا.





وقد تطرقت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية في تقرير لها إلى هذه الظاهرة التي أثارت لأول مرة انتباه المصور بنيامين راسموسن، بعد زيارته لجزر فارو، ما دفعه لتسليط الضوء على ذلك التقليد الدموي الذي تشارك فيه قرى بأكملها، حيث تحتشد في القوارب في موسم محدد من كل عام، لمطاردة قطعان الحيتان الطيارة، وذبحها في مراسم تحول البحر إلى حمام من الدماء.

وأشارت إلى أن الظاهرة أثارت استياء نشطاء حقوق الحيوان في جميع أنحاء العالم، ومن بينهم منظمة Campaign Whale التي وصفت التقليد بأنه «غير إنساني، وهمجي، ولا داعي له».



ولكن سكان جزر فارو، البالغ عددهم حوالي 48 ألف نسمة، متمسكون بهذا التقليد باعتباره جزءًا من تراثهم الثقافي.



ومؤخرًا حاولت منظمة أخرى معنية بحماية البحار تسمى Sea Shepherd إيقاف «مجزرة الحيتان» حيث قامت هذا الموسم بنشر أكثر من 500 متطوع لأجل مهمة وقف صيد الحيتان، عن طريق إبعادها ومنعها الاقتراب من السواحل ومن ثم إعاقة عملية الصيد قبل أن تبدأ، وبالفعل استطاع متطوعو المنظمة إبعاد مجموعة من هذه الحيتان إلى عرض البحر في نهاية يوليو ولكنهم لم يستطيعوا منع الأمر كليًة، بحسب قناة «فرانس 24».





ولفتت إلى أن أسلوب الصيد هذا المعروف باسم Grindadrap مارسته عدد من مناطق شمال الأطلسي بداية من القرن السادس عشر، حيث كان يشار إليه باعتباره اختبار لإثبات الرجولة بالنسبة للصيادين الشباب، فضلًا عن كونه يتيح وفرة من اللحوم خلال فصل الشتاء من خلال تخزين لحوم الحيتان بعد إقامة مذابح الصيف.





وشددت على أن هذا التقليد لاداعي له، في القرن 21، خاصة وأن جزر الفارو باتت تتمتع بمستوى معيشة مرتفع.



جدير بالذكر أن جزر فارو تقع في أقصى شمال أوروبا بين البحر النرويجي والمحيط الأطلسي الشمالي، في منتصف المسافة بين النرويج وآيسلندا، وظلت الجزر تابعة التاج الدنماركي منذ عام 1948، وتتمتع بشكل من الحكم الذاتي، إذ تدار أغلب أمورها ذاتيا عدا أمور الدفاع عن النفس، وبالتالي فهي تقع ضمن حماية الجيش الدنماركي، ولها قوه بحرية صغيرة وقوات شرطة محلية.