فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن لله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرقاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم.

وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. وفي هذه الرسالة بيان لفضل عشر ذي الحجة وفضل العمل فيها، والأعمال المستحبة فيها.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه.
فضل عشر ذي الحجة

1- أن الله تعالى أقسم بها:
وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.

2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره:
قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.

3- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها افضل أيام الدنيا:
فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (فضل أيام الدنيا أيام العشر ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قيل : ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب( [ رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني]

4- أن فيها يوم عرفة :
ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، وقد تكلمنا عن فضل يوم عرفة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه في رسالة (الحج عرفة(0

5- أن فيها يوم النحر :
وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، قال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر)[رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].

6- اجتماع أمهات العبادة فيها :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره

في أول يوم من ذي الحجة غفر الله فيه لأدم, و من صام هذا اليوم غفر الله له كل ذنب.

2.و في اليوم الثاني استجاب الله لسيدنا يوسف و من صام هذا اليوم كمن عبد الله سنة و لم يعص الله طرفة عين.

3. و في اليوم الثالث استجاب الله دعاء زكريا و من صام هذا اليوم استجاب الله دعائه.

4. و في اليوم الرابع ولد سيدنا عيسي عليه السلام و من صام هذا اليوم نفي الله عنه البأس و الفقر و في يوم القيامة يحشر مع السفرة الكرام.

5.و في اليوم الخامس ولد موسى عليه السلام و من صام هذا اليوم برء من النفاق و عذاب القبر.

6. و في اليوم السادس فتح الله لسيدنا محمد بالخير و من صامه ينظر الله إليه بالرحمة و لا يعذبه أبدا.

7. و في اليوم السابع تغلق فيه أبواب جهنم و من صامه اغلق الله له ثلاثون بابا من العسر وفتح الله له ثلاثون بابا من الخير

8. و في اليوم الثامن المسمي بيوم التروية من صامه أعطى الله له من الأجر ما ليعلمه إلا الله.

9. في اليوم التاسع و هو يوم عرفه من صامه يغفر له الله سنة من قبل و سنة من بعد.

10. و في اليوم العاشر يكون عيد الأضحى و فيه من قرب قربانا وذبح ذبيحة ففي أول قطرة من دماء الذبيحة يغفر الله ذنوبه و ذنوب أولاده.
و من أطعم فيه مؤمنا و تصدق بصدقة بعثه الله يوم القيامة آمناً و يكون ميزانه اثقل من جبل أحد.

اللهم تقبل منا صالح الأعمال يارب العالمين