فقدان الوعي: أسبابه - وكيف نتقي خطره؟











هو عارض مهم، وفهم أسبابه خير وسيلة لتجنب وقوعه في المستقبل. وينجم عادة عن نقص حاد أو توقف في الدورة الدموية إلى الدماغ، ويترافق مع انخفاض شديد في النبض وفي ضربات القلب أو حتى في فقدانها. قد لا يشكل خطورة بحد ذاته، إلاّ أنه قد يخفي أمراضا عديدة، بالغة الخطورة، بعضها متعلق بالقلب وبعضها الآخر بالمشكلات الوراثية أو بالأعصاب أو بالهرمونات.

في 30 إلى40% من غياب الوعي يكون من دون سبب واضح. ويكون مخيفا عندما يحدث فجأة، ومخيفا أكثر عندما يتكرر مرة تلو أخرى.

أسباب فقدان الوعي عديدة:

1 - القلب

أ - الجلطة القلبية: في بدايتها قد تؤدي إلى غياب الوعي.

ب - التضيق الشديد في الصمام الأبهر: ويصاب به غالباً كبار السن وينتج عن اضطراب في النظم القلبية وتوقف الدورة الدموية إلى الدماغ.

ج - الحصار القلبي: أو ما يسمى بالحاصر الأذيني البطيني، لتوقف في النشاط الكهربائي للقلب في العقدة الجيبية مما يؤدي بالضرورة إلى عطل في جهاز الضخ مع ما يتبعه من انخفاض في حصيل القلب وانخفاض في الدورة الدموية إلى الدماغ.

د - وهناك مرض متعلق بدقات القلب السريعة: التي قد تؤدي إلى حالة من الدوار بالإضافة إلى أمراض أخرى شبيهة بإمكانها أن تشكل عناصر تؤدي إلى حالات من فقدان الوعي.

2 - وعائي عصبي:

نتيجة فشل في الآلية المنظمة للقلب أو ما يسمى بالميكانيزم من إيقاع أو نظم أو فشل في الضغط الشرياني، أو تحصل كرد فعل الألم، وتعبر ردة الفعل هذه إلى فشل في الآلية المنظمة للإيقاع أو النظم، وقد تكون نتيجة مرض الضغط الشرياني المنخفض الوضعي (انخفاض في الضغط الشرياني عند تغيير وضعية المريض من الاستلقاء إلى الجلوس إلى الوقوف) وهذه الغيبوبة ليست بخطورة الغيبوبة الناتجة عن مرض القلب، ولكن يجب ألا يقلل من شأنها، كما يجب أن تعالج عند الضرورة وعلى الأخص عند المرضى الذين يشكون من تصلب في شرايين القلب أو تصلب شرايين الرقبة أو الرأس.

3 - القصور في الدورة الدموية إلى الدماغ:

نتيجة لتصلب في شرايين الرقبة أو شرايين الرأس وإن أي قصور في التروية الدماغية قد يؤدي إذا ما اشتد أو طال إلى غياب الوعي، وهذه الغيبوبة لا يرافقها أي اضطراب في النظم القلبي أو أي تغيير في الضغط الشرياني.

4 - أسباب وراثية:

وتنتشر هذه الحالات في صفوف الشباب وتحديداً عند من يقومون بمجهود جسدي كبير وأهمها.


  • عارض كوتيه: ينتج من خلل في كهرباء القلب، سببه خلل في تركيبة خلايا عضلة القلب ما يجعل المصاب يعيش مع إيقاع سريع للقلب يؤدي إلى فقدان الوعي الفجائي وفي حالات متقدمة يؤدي ذلك إلى الموت المفاجئ.
  • متلازمة بريكادا: تنتج عن مشكلة وراثية في القلب تشكل حركة سريعة لنبضات القلب وخللا فيها أيضا، ما يؤدي إلى خلل في انتظام عمل القلب وبالتالي إلى احتمال حدوث الموت المفاجئ.
  • تضخم حجم القلب: تشكل أبرز مشكلة تحدث بسبب الوراثة لدى الشباب، وخصوصاً الرياضيين المحترفين المعرضين للموت المفاجئ. وقد ينتج عن مشكلة في البطين الأيسر في القلب حيث تزداد سماكة الغلاف فيه.


5- أمراض الأعصاب والهرمونات:

قد يخفي فقدان الوعي جملة من الأمراض أبرزها داء الصرع الذي يصيب الأعصاب، وهو كناية عن خلل غير طبيعي وحاد في النشاطات الكهربائية للدماغ، وهناك إحصائية تشير إلى أن هناك 5 إلى 15% من حالات فقدان الوعي ناتجة عن أمراض الصرع. وهناك أمراض عصبية أخرى مرتبطة بحالات فقدان الوعي تطال الجهاز العصبي الخارجي كالسكري والتصلب اللويحي أو الإصابة بورم في الدماغ، أما الأمراض المتعلقة بالهرمونات فتشمل داء أديسون المرتبط بنقص في إفراز الغدة الكظرية المتمركزة فوق الكلى.

6 - غيبوبة نقص السكر:

عندما يتناول مريض السكر جرعة زائدة من العلاج المخصص له أو يهمل تناول الطعام عقب تناوله العلاج، أو يقوم بمجهود عضلي أكثر من المعتاد، وتعد هذه الغيبوبة من أخطر مضاعفات مرض السكر لأنها تحدث فجأة في بعض المواقف التي تنتج عنها خطورة مثل قيادة السيارة، والعمل على الآلات أو الاستحمام في البحر، أو إذا كان وحيداً بعيداً عن الأنظار في المنزل أو في الفندق أو أثناء النوم.

الأعراض: شحوب الوجه وعرق بارد، جوع شديد ورعشة في اليدين، زيادة في ضربات القلب والشعور بها، أو دوخة وفقدان التركيز وحدة الذهن، أي بطء في الاستيعاب، أو صداع وغثيان، واضطراب في الرؤية والشعور بالإجهاد والميل إلى النعاس، أو تشنجات عضلية مصحوبة بانفعالات عاطفية كالضحك والبكاء، وتنتهي هذه الحالة بغياب الوعي التي قد تطول أو يفيق بعدها المريض عندما تستهلك كمية الأنسولين الموجودة في جسمه مما يدعو إلى الإسعاف السريع.

7 - غياب الوعي بزيادة نسبة السكر في الدم:

التي تبدأ تدريجيا ويكون التنفس عميقا (شخيرياً) والنبض ضعيفا وتفوح رائحة الأستون من فم المصاب (رائحة التفاح المعطوب) وتعالج بحقن الأنسولين.

8 - فقدان الوعي العرضي:

كثيرة وتشمل:

1 - غيبوبة قصيرة للغاية تحصل من دون أن يفقد الشخص وعيه، ولكنه يشعر بعدم الراحة أو الدوار أو القلق ونوع من رفة القلب وتترافق هذه الأعراض مع نوبات القلق.

2 - غيبوبة تحصل مع فقدان الوعي فجأة أو آنيا، يرافقها سقوط وشحوب في الوجه فترتخي عضلاته، وفي هذه الحالة لا يتجاوب المصاب مع أي شيء خارجي من هزّ أو غزة، قبل أن يستعيد وعيه.

3 - فقدان الوعي وذلك بأن المريض يشعر أن الحالة ستحصل إلا أنها لا تحصل، ويبقى محتفظا بوعيه إنما مع مشكلات في الرؤية وذلك على شكل غشاء أسود مع شحوب في اللون وارتخاء في عضلات الرجلين، ومن الممكن أن يعيده السقوط إلى حالته الطبيعية ، وفي حالة السقوط يجب وضع الشخص بشكل أفقي ورفع الرجلين والاتصال بالطبيب المختص.

4 - فقدان الوعي المتصل بعصب يدعى العصب الطويل، يصل من المعدة إلى الدماغ مروراً بالقلب وإذا تم تحفيز هذا العصب بشكل قوي، يمكن أن يدفع القلب إلى التخفيف من نبضه وبالتالي إلى تخفيض الضخ الذي يصل إلى القلب، فيتباطأ ضغط الدم ما يؤدي إلى فقدان الوعي، وغالباً ما تصيب هذه الحالة الشباب.

5 - أسباب متفرقة: 25% من الحالات، أو حالات الهبوط الفجائي في الضغط كأن يقف شخص فجأة بعد فترة من النوم، أو نتيجة عسر هضم، أو نتيجة حقنة دوائية، أو نتيجة الطقس الحار.

6 - أسباب ناتجة عن التسمم وهبوط السكر في الدم بعد تناول كمية من الكحول أو المخدرات وتلعب العوامل النفسية دوراً في فقدان الوعي خصوصاً عندما يصاب الشخص بنوبة من الهلع، أو رد فعل بعد مجهود من السعال، أو بلع شيئا عن طريق الخطأ، أو من رؤية الدم أو بعد نوبات أو من الألم الشديد، أو التوتر الشديد أو أثناء سحب الدم من الشخص أو بعد وقوفه لفترة طويلة أو بعد حز ياقة القميص للرقبة، أو بعد ملامسة موس الحلاقة للوعاء السباتي في الرقبة وخصوصاً عند المسنين (إغماء الوعائي المبهمي Vaso vegale reaction).

الإجراءات والفحوصات اللازمة:

يجب إخضاع المريض إلى فحص طبي مهما كانت الحالة وقياس ضغط الدم بوضعية الاستلقاء والجلوس والوقوف، أو بواسطة فحص الميلان الذي يتم فيه قياس ضغط الدم ومعدل نبضات القلب، أولاً عند الاستلقاء منبطحاً على طاولة متحركة ثم عندما تتم إمالة الطاولة بحيث يكون الجسم في حالة انتصاب القامة تقريبا.

أما تخطيط القلب الكهربائي فبمقدوره الكشف عن اختلال نبضات القلب التي قد تسبب الإغماء أو ارتداء جهاز هولتر مونيتور الذي يقوم باستمرار تسجيل تخطيط القلب لمدة (24 ساعة) أو المراقبة لفترات طويلة فيمكن أن تتم بواسطة مسجل حلقي يلبس فوق الجسم أو يزرع في داخله فعندما يشعر المريض بقدوم حالة الإغماء عليه أن يضغط زراً في الجهاز لكي يتم تجميد المعلومات في داخله، وهناك عدة فحوصات قد يلجأ إليها الطبيب لتشخيص المرض والتصوير بالنظائر المشعة، والتصوير الطبقي المحوري للقلب، والتصوير بالرنين المغناطيسي، القسطرة القلبية.

طرق الوقاية والعلاج:

في حالة بعض اضطرابات النظم القلبية نوجه المريض إلى أخصائي خبير بالفحص الكهربائي الفيزيولوجي (Electrophysiologiste) الذي يسعى إلى استئصال الدارة الكهربائية القصيرة غير الطبيعية بواسطة مسبار يوضع داخل الوريد الفخذي.

أما في حالة متلازمة بريكادا وتطاول مسافة (QT) الولادية، وكذلك في حالة القصور في مضخة القلب بسبب اعتلال العضلة القلبية وخصوصاً عندما يكون تقلص وضخ البطين أقل من 30% وكذلك عند الذين لديهم سوابق تسارع بطيني أو رجفان بطيني والذين تخطوا أزمتهم القلبية بسلام. عند هؤلاء جميعاً نعمد إلى استخدام طريقة حديثة ألا وهي زرع صادم ميكانيكي يعمل أوتوماتيكياً داخل الصدر.

وفي حالة التباطؤ الشديد في ضربات القلب (حصار أذيني بطيني من الدرجة الثالثة) نعمد إلى زرع ناظم خطى قلبي على شكل بطارية تحت الجلد أو داخل الصدر.

ويمكن في حالات عديدة إنقاذ المريض خلال أربع دقائق من توقف القلب وذلك بإجراء التنفس الاصطناعي وتدليك القلب خارجياً، أو صدم القلب بواسطة صادم كهربائي خارجي.

وقد يحتاج الأمر إلى إجراء قسطرة قلبية ونفخ بالون دون أو مع زرع شبكة داخل الشريان المتضيق أو إجراء عمل جراحي على قلب نابض، أو بقلب مفتوح (مجازة أو مجازات إكليلية) أو بتغيير الصمام الأبهري بصمام اصطناعي أو حيوي لإبعاد خطر فقدان الوعي والموت المفاجئ.