مما ابتلينا به في زماننا كثرة من يطلقون ألسنتهم بتكفير الناس دون بينة أو سند شرعي، إما للإختلاف في أمور سياسية أو حتى تكفيرهم بذنب ارتكبوه، ولم يلتفت هؤلاء إلى النصوص الشرعية الكثيرة التي تؤكد على خطورة هذا الأمر وتنهى عن تكفير الناس.



وقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطورة هذه المسألة في الحديث الذي رواه الإمام البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما "، وقوله: "لعن المؤمن كقتله ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله".



وروى الإمام مسلم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ".



ومن أمثلة تلك النصوص الشرعية تنطلق الرؤية الإسلامية الصحيحة من قوله تعالى: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا).



حتى الذنوب والمعاصي بل والكبائر لا تستدعي التكفير، ولا تخرج المسلم من إسلامه رغم حرمتها الشديدة، لأن شهادة الإسلام حصن للإنسان وإن زني وإن سرق، وهذا يعني أن الأمر القلبي من الاعتقاد بالتوحيد ينفع وإن كان عمله بمستوى الزنا والسرقة، فقد روى الإمام عن أبي ذر قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم ثم أتيته وقد استيقظ فقال: ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، قلت يا رسول الله: وإن زنى وإن سرق؟! قال وإن زنى وإن سرق:، فيلاحظ أن صدر الحديث ينبئ عن مجرد القول القلبي الصادق، وأما ذيله "وإن زنى وإن سرق" فيتحدث عن الأعمال وفعل الجوارح .



كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "ثلاثٌ مِن أصل الإيمان"، وعَدَّ منها: "الكفَّ عمَّن قال: لا إله إلا الله، لا نُكفره بذنب، ولا نُخرجه من الإسلام بعمل".



وقوله على الصلاة والسلام وعلى آله: "لا يرمي رجل رجلاً بالفِسْق، أو يرميه بالكُفر إلا ارتدَّت عليه إن لم يكن صاحب ذلك".



كل هذه النصوص جميعها تؤكد أنه لا يحل أن يكفر أحد مسلمًا بذنب اقترفه أو حتى إن ترك فريضة تكاسلًا غير منكرًا لها، ومن يفعل ذلك يترد عليه وصفه بالكفر أو الفسوق إن لم يكن من وصفه بذلك ينطبق عليه الكفر أو الفسق.