ما أكثر ذنوبنا! منها ما هو بالجوارح كاللسان والعين واﻷ‌ذن، ومنها ما هو بالقلب كالكِبْر والعُجب والحسد، وقد ﻻ‌ تمرُّ لحظات إﻻ‌ ووقعنا في واحدٍ منها، والتوبة المباشرة من كل ذنب قد تكون مستحيلة؛ ﻷ‌ننا كثيرًا ما نقع في الذنوب دون انتباهٍ لها، وقد ﻻ‌ نُدرك الذنب أصﻼ‌ً، وقد نحسب اﻷ‌مر هيِّنًا وهو كبير عند الله؛ قال تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ} [النور: 15]؛ ولهذا كله كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُكثر من اﻻ‌ستغفار العام؛ الذي ﻻ‌ يُحَدِّد فيه التوبة من ذنبٍ معيَّن، إنما فقط يقول: أستغفر الله، أستغفر الله.


وقد كان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك في كل يومٍ أكثر من سبعين مرَّة، وأحيانًا مائة مرَّة؛ فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً".
وروى ابن ماجه -وقال اﻷ‌لباني: حسن صحيح- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ".


فلتكن هذه اﻷ‌عداد سُنَّةً دائمة لنا، وهي في الواقع ﻻ‌ تأخذ أكثر من دقيقتين فقط يوميًّا.

وﻻ‌ تَنْسَوْا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].*