إن ارتباط الثقافة بالمجتمع ارتباط متلازم ، إذ لا يمكن أن نفهم مجتمعاً إلا بفهم ثقافته ، كما لا يمكن أن نفهم ثقافة أي مجتمع إلا بفهم المجتمع ذاته ، سوء كان ذلك في جوانبه الثابتة كالأديان و القيم الأخلاقية ، أم في جوانبه المتطورة و المتغيرة كالإبداع و الفن و الأدب و الإنتاج العلمي و غيرها من الأفعال الثقافية المتطورة و التي هي أسرع تغيّراً و مواكبةً للمرحلة التاريخية التي يمر بها المجتمع .





و قد تأكد الدور الاجتماعي للثقافة من خلال :
التأثير القيمي و الأخلاقي و السلوكي للثقافة في حياة الفرد في التصرفات و السلوك إذ يعبر عن ثقافة الفرد و رؤيته لذاته و للأشياء من حوله و بمقدار الوعي الثقافي لدى الفرد يزداد دوره في الحياة و تزداد رسالته الإنسانية نحو مجتمعه و الآخرين .
للثقافة دور كبير في التواصل الإنساني على مر التاريخ ، فقد استطاع الإنسان أن يبتكر و يطور آليات ثقافية متجددة و نامية حقق من خلالها معرفة واسعة بالحياة و تعزز هذا الدور من خلال الوسائل الحديثة التي توّجت بثورة الاتصالات و المعلومات ، التي جعلت التواصل الإنساني أكثر قدرة على اختراق الحواجز و الجسور بين البشر مما زاد معرفتهم بانفسهم و بغيرهم .
تزايد الإدراك لدور الثقافة في تغيير اتجاهات الرأي العام المحلي و العالمي ، من خلال التأثير غير المباشر للفعل الثقافي في حياة الشعوب ، و لقد تعزز دور الثقافة على المستوى العالمي في العقود الأخيرة من خلال إنشاء عدد من المنظمات و المؤسسات الثقافية العالمية و الإقليمية و لعل المنظمة الدولية للتربية و العلوم و الثقافة (اليونسكو) تأتي في مقدمتها ، و على المستوى الإقليمي تبرز المنظمة العربية والمنظمة الإسلامية للتربية و الثقافة و العلوم و غيرها من المؤسسات التي تشكل أدوات و آليات للفعل الثقافي الدولي و الإقليمي
و إذا كانت الثقافة تتبوأ هذه المكانة في حياة الأمم والشعوب والمجتمعات والأفراد ، فإن التربية و الإعلام هما
البوابتان اللتان تلج الثقافة من خلالهما إلى الفرد في أي مجتمع ، فالتربية وثيقة الصلة بالثقافة و يؤثر كل منهما بالآخر و يتأثر به ، فالتربية هي الميدان الذي يتم من خلاله صياغة الشخصية الإنسانية بكل مقوماتها العقدية و الأخلاقية و السلوكية ، و هي المعايير الأساسية في بناء ثقافة الفرد من خلال ما تقدمه التربية من مناهج و نماذج و خطط و برامج و معايير تقويم و قياس ، و من خلال التفاعل الذي تشكله البيئة التربوية التي تكوّن الرؤى و التصورات و القيم لدى الفرد ، وتصوغ سلوكه و أخلاقه و معاملته و علاقته بالآخرين ، و بمقدار ما تصوغ التربية شخصية الفرد تأتي مخرجات هذه العملية إيجابية أو سلبية