الأطفال هم لبنات المستقبل لأمتنا؛ لذلك ينبغي أن يكون تهيئة الطفل نفسيًا لقدوم رمضان ولفكرة الصيام، مبنية على أساس منطقي راسخ يساعد الطفل على إدراك القيمة الدينية والمعنوية للصيام، وشهر رمضان يمثل فرصة جيدة لأطفالنا للرغبة في الصيام والاحتفال كباقي أفراد الأسرة، لذلك فإنهم يحتاجون للتشجيع والتحفيز، وعن كيفية تعليم الأطفال وتدريبهم وترغيبهم في الصيام.
تقول الدكتورة أسماء أمين أستاذة الأمراض النفسية والعصبية بكلية عين شمس انه لابد من الحديث مع الطفل قبل رمضان عن قيمة الصوم كركن من أركان الإسلام الخمسة التي لا تصح العقيدة إلا بها جميعاً، مع توضيح حكمة الصوم المادية والمعنوية وما تغرزه في النفس من قيم وما تنقله من معان تعمق روابط التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع وتساعد على الشعور بالفقراء ومجاهدة النفس، كما يجب توضيح قيمة شهر رمضان ومكانته بين شهور السنة وما فيه من نفحات إيمانية وأحداث عظام كنزول القرآن الكريم فيه وتشريفه بليلة القدر، وفضيلة الاعتكاف بالعشر الأواخر منه، وما للصائم من مكانة عند الله عز وجل ، وما اختص به من إجابة دعائه خاصة عند الإفطار.
الحكمة الصحيحة
وأشارت إلى ضرورة أن يكون الحديث بأسلوب يتوافق مع سن الطفل واستيعابه، لافتة إلي أهمية شرح الحكمة الصحيحة للصيام التي لا تقتصر فقط على الامتناع عن الأكل والشرب، ولكن الامتناع عن المحرمات من الكذب والغش والنميمة وغير ذلك، مع المحافظة على الصلاة ، فالأبوان بذلك يغرسان القيم الصحيحة في الأبناء، من خلال تعلمهم الصبر وقوة التحمل وكيفية التحكم بالنفس والإرادة والعزيمة ، وهي من الصفات الضرورية للمسلم الصغير، كما يربي الصيام لدى الطفل صفة المراقبة والانضباط الذاتي، فالصائم لا يراقب أحدًا بصومه إلا الله سبحانه وتعالى لأنه هو المطلع عليه، كل هذه القيم تجعل من الابن عندما يكبر شخصية سليمة سوية .
وأضافت أمين أنه ذاته لابد من تهيئة جو البيت بأجواء احتفالية استعداداً للشهر الكريم من تعليق أدوات الزينة المضيئة والأهلِّة وغيرها مما يجعله يشعر بسعادة غامرة لقدوم رمضان، مع أهمية تعليم الطفل التدرج ليصوم ثلث النهار ثم إذا التزم يصوم نصف النهار ثم كل النهار إذا تمكن من ذلك بحسب عمره وصحته، فيمكنه البدء بساعات قليلة إلى فترة الظهر وبعدها إلى العصر وبعدها يصوم اليوم كاملا ، ولا مانع في تبسيط الأمور، فان زاد العطش عليه يمكنه الشرب بدون الأكل فهم أطفال غير مكلفين و لكن تدريبهم يسعدهم قبل أن يسعد الكبار، كما أن الأطفال يحبون التقليد فنجدهم يقلدون آباءهم وأمهاتهم في معظم التصرفات والأفعال، ومن هنا يجب أن يكون الوالدان قدوة حسنة لهم من خلال تعليهم وتدريبهم على الصلاة والصيام .
تشجيع الطفل
وأكدت الدكتورة أسماء على ضرورة الحرص دومًا على تشجيع الطفل ومكافأته كلما حقق تقدمًا في سعيه نحو الصيام بشكل صحيح، والتحدث عن انجازه أمام باقي الأهل وإن كان هناك أكثر من طفل فيمكن تقوية روح المنافسة بينهم في الصيام، وعلى العكس فلا يجب تأنيب الطفل إن لم يستطع الصوم كل يوم أو طوال اليوم لحين الإفطار .
وشددت على ضرورة تدريب الأطفال على الصيام بالتحفيز، وليس ضربهم لأن ذلك ممنوعٌ لما قد يؤدي إليه من الانحراف مستقبلا، فإن إجبار الطفل على الصوم قد يدفعه إلى تناول المفطرات سرًّا ثم يتظاهر بالصوم وتكبر معه هذه الخيانة لأن الطفل عادة لا يُقدِّر معنى الأمانة ولا يحترم المسؤولية، لذا يجب على الآباء والأمهات أن يدربوا أطفالهم على الصوم وأن يحببوا إليهم ذلك بالرفق واللين.
ولاشك ان تدريب الاطفال على الصيام ينبغي أن يتم تدريجياً، ووفق الظروف الصحية للطفل (منذ السابعة وحتى العاشرة مثلاً)؛ ففي شهر رمضان من كل عام، يرى الطفل والديه، و الكبار من الأقارب والجيران يصومون فيشعر بالغيرة والرغبة في تقليدهم، لذا يجب أن نعينه على ذلك وننتهز هذه الفرصة بأن نشجعه ونتركه يصوم لمدة ساعتين مثلاً، ثم نزيد عدد الساعات حسب قدرة الطفل، وإذا رغب في الطعام تركناه حتى يشعر أن هذا أمر يخصه وأنه شيء بينه وبين ربه، ولا ينبغي أبداً أن نخاف عليه من الضعف أو الهزال؛ فشهر رمضان كالعطر يتبخر سريعاً، كما أن الطفل إذا اشتد به الجوع، فسيكون أمامه أحد أمرين: إما أن يأكل لأنه لم يعد يتحمل الجوع، و بذلك نطمئن عليه.
وإما أن يحاول أن يتحمل الجوع ويجاهد نفسه، وبذلك يتعود مجاهدة النفس والصبر على طاعة الله، فنطمئن عليه أكثر.
ولا ينبغي أن ننسى مكافأته على اجتيازه فترة الصوم المحددة بنجاح، ويكون ذلك بزيادة مصروفه مثلاً، أو أن تقول له الأم مثلاً: "أنا فخورة بك، فقد أصبحت الآن مثل الكبار تستطيع مجاهدة نفسك ومقاومة الشعور بالجوع والعطش"
ولنتذكر أن مستقبل الطفل الحقيقي هو الآخرة، لذا ينبغي أن نعده لها خير إعداد وأن نخاف عليه من مخالفة أوامر الله أكثر مما نخاف عليه من الضعف أو التقصير في الدراسة.