أعلن فيس بوك، موقع التواصل الاجتماعي الأشهر عالميًا، يوم الجمعة الماضي عن إتمام دراسة نفسية خضع لها حوالي 700 ألف مستخدم للموقع عبر أسبوع كامل، وتكشف أبرز نتائج الدراسة عن حدوث “عدوى” بين المستخدمين في المشاعر الإيجابية والسلبية؛ مما يعني أن مزاجك وشعورك يعتمد إلى حد كبير على ما تراه من منشورات على فيس بوك.



وصمّم فريق من الباحثين – أحدهم يعمل لدى فيس بوك – نظامًا يتلاعب بنوع المنشورات التي تظهر على الصفحات الشخصية للمستخدمين، لتقلل مرةً عدد المنشورات ذات المحتوى الإيجابي، وتزيد مرةً أخرى عدد المنشورات السلبية بشكل ملحوظ.



نتائج مُقلقة

أظهرت نتائج البحث أن مستخدمي فيس بوك يتميزون بنوع من “العدوى العاطفية” التي تجعلهم يتضامنون أكثر مع المنشورات التي تحمل رسائل سلبية، وينشرون محتوىً تشجيعيًا، لكن قلة المنشورات التي تحمل رسائل إيجابية تجعل ما ينشرونه أكثر كآبة.



لكن ما أقلق الكثير من المستخدمين والمنظمات ليس نتيجة الدراسة، التي تُعد معروفةً سلفًا وأكدتها دراسات نفسية سابقة، بل إمكانية تلاعب فيس بوك بمشاعر مستخدميه وصفحاتهم الرئيسية في المستقبل لأغراض إعلانية.



كانت عدة دراسات سابقة قد اقترحت تحليل المحتوى الذي تنشره فئات محددة من المستخدمين (الشابات مثلاً) لتحديد الأوقات التي تزيد فيها نسبة الرسائل والكلمات السلبية، وتصميم استراتيجية إعلانية وتسويقية تخاطب هذه الفئات بالنصائح والإعلانات المخصصة بحسب الشعور السائد عندهم، لكن هذه الدراسة قد تكون مؤشرًا إلى أن فيس بوك قد يتجه إلى خلق هذا التأثير الإيجابي أو السلبي بنفسه اعتمادًا على التلاعب بالمحتوى الذي يظهر على صفحات مستخدميه الرئيسية.



الخصوصية؟

تسمح اتفاقية الخصوصية التي يوافق عليها كل مستخدمي فيس بوك بمجرد التسجيل فيه للموقع باستخدام بيانات مستخدميه بهذه الطريقة اعتمادًا على بند غير مُحدد يتعلق بالأغراض “البحثية”، رغم الاعتراضات التي واجهها الموقع، منتصف شهر يونيو الجاري، بعد إعلانه عن تغييرات جديدة في الاستخدام التجاري لبيانات المستخدمين.



تظهر إعلانات فيس بوك لكل مستخدم حسب تفضيلاته، ونشاطاته، والصفحات والمنشورات التي يُسجّل إعجابه بها على الموقع، لكن التغيير الجديد سيسمح لفيس بوك بتعقب بيانات المستخدمين عند زيارة مواقع وتطبيقات أخرى، واستخدامها بعد ذلك لأغراض الاستهداف الإعلاني.



ورغم أن القوانين الأمريكية تشترط الحصول على موافقة مسبقة لكل من يخضع لدراسة من هذا النوع، إلا أن هذه القوانين تُطبق على الأبحاث المموّلة حكوميًا فقط، لا على الشركات الخاصة مثل فيس بوك.



الحكومة الأمريكية تطالب بنصيبها

وفي نفس الأسبوع الذي أُعلنت فيه نتائج الدراسة، قالت إدارة فيس بوك إنها تحاول معارضة أوامر قضائية من محاكم أمريكية بالكشف عن بيانات خاصة بمستخدميها، في “أكبر طلب في تاريخ فيس بوك”.



وتحاول إدارة الموقع الذي يضم أكثر من مليار و250 مليون مستخدم حول العالم الحفاظ على سريّة المعلومات الشخصية لمستخدميها وعدم مشاركتها – حين يمكنها ذلك – مع الحكومات المختلفة.



ما يبدو مفاجئًا أن الدراسة التي أجراها فيس بوك شاركت في تمويلها جهة حكومية تُدعى “مكتب البحث العسكري”، مما يزيد تعقيد أبعاد الدراسة واستخدام نتائجها في المستقبل القريب.