كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر ما يصوم تطوعًا في شهر شعبان، وعلل ذلك بقوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بقوله: "إنَّه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، وأحب أن يرفع عملي إلى الله وأنا صائم".

وقال أهل العلم إن رَفْعُ الأعمال إلى رب العالمينَ على ثلاثة أنواع:

الأول: أنه يُرفع إليه سبحانه وتعالى عملُ الليل قبل عمل النَّهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون تركناهم ( وهم ) يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون".

والثاني: أن الأعمال ترفع إليه يوم "الاثنين" و"الخميس" من كل أسبوع، لقلو النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة ، فلا يقبل عمل قاطع رحم".

والثالث: أن الأعمال ترفع إليه في شهر "شعبان" خاصَّةً، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن شهر شعبان: "إنَّه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى".

ورفع أعمال العبد إلى الله وهو صائم أدعى إلى القبول عند الله وأحب إليه سبحانه وتعالى، وهو ما يسعى إليه المؤمنونَ تَأَسِّيًا واقتداءً بالنبي - صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم.

وقد ذكر بعض العلماء : أن رجب هو شهر الزرع، وشعبان هو شهر السقيا، ورمضان هو شهر الحصاد، ولا يحصد الإنسان إلا ما زرع.

وقد نبهنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن شهر شعبان شهر يَغفلُ فيه الناس، فقال "ذلك شهر يغفل الناس عنه"، وإذا غفل الناس عن شعبان، لا يجب أن يغفل عنه المؤمنين، لأن المؤمن يجب أن يكون دائمًا في إقبال على الله سبحانه وتعالى، لا ينقطع عن ذكره وعبادته وطاعته، حتى إذا رفعت الأعمال إلى الله، ترفع وهو في حال طاعة ووصل مع الله عز وجل فتكون أرجى في القبول وغفران ما قد يكتنفها من ذنوب وتقصير، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).