بالتوازى مع احتفال العالم غداً 22 مايو 2014 باليوم الدولى للتنوع البيولوجى، احتفل موقع البحث جوجل بأقدم عالمة حفريات بريطانية، وهى مارى أنتج، عملت بجمع وتجارة الحفريات، حيث اختير لهذا العام شعار وموضوع يحمل الكثير من تحديات كوكب الأرض، وهو "الجزر الصغيرة والتنوع البيولوجى"، حيث شكل الجزر وما يحيطها بالقرب من المناطق البحرية الشاطئية نظماً أيكولوجية فريدة تضم أنواعاً متوطنة من النباتات والحيوانات لا نجدها فى أى مكان آخر على الأرض.

وكإرث من التاريخ التطويرى الفريد، هذه النظم الأيكولوجية هى كنوز لا بديل عنها، كما أنها ذات أهمية كبيرة لسبل العيش والاقتصاد والرفاهية والهوية الثقافية لدى 600 مليون نسمة من سكان الجزر الذين يمثلون عشر سكان العالم. اقرأ المزيد عن أهمية الجزر واختير موضوع التنوع البيولوجى على الجزر ليتزامن مع تعيين الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 2014 العام الدولى للدول الجزرية الصغيرة النامية.

ويتطرق موضوع هذا العام إلى الدور المهم الذى يضطلع به كل من التنوع البيولوجى والنظم الأيكولوجية فى توفير الأمن المائى، وبالتالى تحقيق التنمية المستدامة، وتُعتبر المياه عاملاً مهماً للغاية فى دعم استدامة التنوع البيولوجى، فنقص المياه يضع الكثير من الأصناف الحية على المحك وبالتالى تناقص التنوع البيولوجى حول العالم.

وفى 22 مايو عام 1992 تم اعتماد الاتفاقية الدولية للتنوع الحيوى وهى اتفاقية دولية تم العمل عليها من قبل لجنة التفاوض الحكومية الدولية بشأن التنوع البيولوجى، والتى تركز على محاور ثلاثة، وهى حفظ التنوع البيولوجى والاستخدام المستدام للتنوع البيولوجى والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية، كل هذا الاهتمام والعمل بشأن التنوع البيولوجى يعكس لنا أهمية الموارد البيولوجية، لأنها باتت أحد أهم الأصول العالمية ذات القيمة الكبيرة للأجيال فى وقتنا الحاضر وللمستقبل، ومن الجدير ذكره أن الأمم المتحدة قامت باعتماد 2010 عاماً للتنوع البيولوجى.

وبالرغم من تكاتف الجهود والسعى الدائم الذى يحاول العالم من خلاله التصدى لتبدد التنوع البيولوجى، إلا أن نسبة التبدد هذه تصاعدت بشكل كبير خلال العشر سنوات السابقة، وذلك نتيجة للإهمال الشديد والتلوث وتغير المناخ وغيرها من تلك المسببات التى صعبت مهمة ومسئولية العالم تجاه الحفاظ على التنوع البيولوجى الذى يدعم حياتنا على كوكب الأرض.

وعن مارى أنتج، فهى ولدت فى الحادى والعشرين من مايو عام 1799 وتوفيت فى التاسع من مارس لعام 1847، ترجع شهرة مارى للطبقات الحفرية البحرية التى ترجع للعصر الجوراسى، والتى اكتشفتها فى لايم ريجس بدورست، حيث كانت تعيش ويعزى تفوق مارى فى عملها لبعض التغييرات الجوهرية التى طرأت على التفكير العلمى فى تاريخ الأرض وحقبات ما قبل التاريخ، أثناء حياتها.

وكانت مارى غالباً ما تبحث عن الحفريات فى جروف بلولايز خلال أشهر الشتاء، حيث كانت الانزلاقات الأرضية تلفظ الحفريات التى يجب أن تجمع سريعاً قبل أن تضيع فى البحر. وقد كان هذا العمل خطيراً للغاية، بحيث إنها كادت أن تفقد حياتها فى أحد تلك الانزلاقات عام 1833، والذى أودى بحياة كلبها تراى. وكان لمارى اكتشافات عديدة بدأت بهيكل عظمى لاكتيوصور كامل عثرت عليه هى وأخوها جوزف وهى فى الثانى عشر من عمرها، بالإضافة إلى أول هيكلين يكتشفان لبليزوصور، وأول هيكل تيروصور يكتشف خارج ألمانيا، وكذلك بعض مستحاثات الأسماك المهمة. كما ساعدت نظريات مارى الجيولوجية العلماء فيما بعد على اكتشاف المزيد من الحفريات.

وعلى سبيل المثال، تعتبر نظرية مارى فى البازهر الأساس الذى اعتمد عليه ويليام بكلاند فى نظريته أن حجر الكوبراليت هو فى الأساس روث متحفر. بينما يرجع الفضل للحفريات التى اكتشفتها مارى فى إبداع هنرى ديلابيك لرسمته التصويرية الشهيرة دوريا أنتيكوير، والتى تعتبر أوسع الرسمات التصويرية لمشهد من عصور ما قبل التاريخ انتشارا. أضف إلى ذلك اكتشافها أن السهميات تحوى أكياس حبرية متحفرة كتلك التى تمتلكها الرأسقدميات المعاصرة، وبالرغم من كل تلك الإسهامات العلمية الكبيرة، فقد حال جنس مارى وطبقتها الاجتماعية دون قبولها فى الجمعية العلمية البريطانية فى القرن التاسع عشر، والتى كانت ذات أغلبية من أغنياء النبلاء الذين يعتنقون الأنجليكية. وقد عانت مارى معظم حياتها من الفقر والاضطهاد لكونها، وأسرتها، خارجين عن ديانة الدولة. فقد توفى والدها، الذى كان يعمل نجار، وهى فى الحادى عشر من عمرها وكان عليها أن تتولى أمر أسرتها.

اشتهرت مارى فى آخر حياتها فى الأوساط العلمية الجيولوجية البريطانية والأوروبية والأمريكية، فأصبحت تستشار فى أمور جمع الحفريات والتشريح إلا أنها، بصفتها امرأة، ظلت غير جديرة بالالتحاق بالجمعية الجيولوجية البريطانية وغير خليقة بالحصول على حقها المالى نظير إسهاماتها العلمية. حتى أنها كتبت فى أحد خطاباتها “لقد استغلتنى الدنيا بلا رحمة وأخشى أن يصبنى هذا بالشك فى كل الناس وأما عن كتاباتها العلمية، فلم يصدر لها، وهى فى قيد الحياة، سوى منشور واحد فى مجلة ناتشورال هيستورى فى عام 1839، وكان عبارة عن اقتباس من خطاب أرسلته مارى إلى محرر المجلة تستفسر منه عن بعض آرائه.

وفى عام 1847، ظهر اهتمام بالغ بقصة حياة مارى، فكتب تشارلز ديكنز عنها فى عام 1865 قائلا، ”لقد صنعت ابنة النجار البسيط لها اسما وشهرة عظيمين، وهى بالفعل تستحقهما”، وفى عام 2010، أى بعد وفاتها بـ163 سنة، أدرجت الجمعية الملكية البريطانية اسمها فى قائمة أكثر عشر نساء أسهمن فى تاريخ العلم.