يقال إن الحماقة أن تصمت حين يطلب منك الكلام، وأن تتكلم حين يطلب منك الصمت، فمتى تصمت ومتى تفصح عن الكلمات، هو الذى يحدد مدى نضجك وقدرتك على التحكم فى الذات، وأيضاً يترتب عليه شكل العلاقة بينك وبين الآخرين.

فقد قال الدكتور أحمد هارون، مستشار العلاج النفسى، إن بصمتك المستحسن تحصل على الهيبة بين من حولك، فللصمت عشر فوائد يمكن أن تحصيها معى، أولها وأهمها أن فيها سترا للعيوب، فوراء الصمت يمكن أن تختفى إحدى الخصال السيئة مثلاً، أو يختفى جهلك أو ثقافتك، ولكن إذا بدأت تتكلم فأنت تعبر عن نفسك بكل وضوح.

وأضاف هارون، بالصمت قد تؤجر لأنه عبادة دون أى عناء، يكفى أنك لم تنطق بما تأثم عليه، فيه تتعفف وتتزين ويعطيك الهيبة بين الناس، حتى وإن لم تكن ذا سلطان أو ذا منصب، إضافة إلى أنه يريحك من لوم الآخرين فأنت لم تتكلم حتى تخطيء، فيلومون عليك، وبذلك فهو يحصن ويغنى عن الاعتذار، كذلك يعطيك قبولا بين الآخرين، وتنجى به من الوسواس.

وتابع هارون، فحتى فى ممارسة العلاج النفسى، يعد الصمت أهم مهارته التى يتلقاها الدارسون، وقد تتساءل هل مجرد الصمت، يعد مهارة ينبغى على المرء اكتسابها، نعم فقد تكون ممن يحسن احتواء الآخرين بأن يفتح أذنيه قبل أن يفتحوا هم أفواههم، ولكنك تحتاج أن تتعلم كيف تغلق فمك، أنت قبل أن يغلقوا هم أذانهم، فتستطيع بذلك التأثير فيهم بشكل أكبر.

وأكد هارون أن رغم كل فوائد الصمت هذه إلا أنه أحياناً يصبح له عيوب، ففى وقت الأزمات النفسية تكون الآلام هائجة داخل النفس تريد أن تعبر عن نفسها بالكلمات حتى لا تحطم جدار النفس بصداها، وعندما تثور الأفكار داخل عقلك تتشابك وتتخبط وتتنافس ويظل حديثك مع النفس مستمرا، فأنت فى أشد الأوقات احتياجاً للكلام، حتى لا تتمزق رأسك بهذا الضجيج الداخلى، فإذا وصلت لهذه الدرجة من الغليان النفسى، عبر عن آلامك وأزل عنها غطاء الكتمان.