عبد الله بن رواحة دائما ابدا في القمة

تضم تربة الأردن الخالدة بضفتيها عددا كبيرا من رفات المجاهدين ، والسلف الصالح وكرام الصحابة رضوان الله عليهم الذين عطروا بدمائهم لحفظها ارضا عربية للعرب والمسلمين ومن هؤلاء الذين تضمهم تربتنا المقدسة الصحابي الجليل المستشهد في مؤتة ، عبد الله بن رواحة رضى الله عنه وهو انصاري من قبيلة الخزرج بالمدينة المنورة وكان يكنى أبا محمد ويعتبر احد النقباء ، شهد العقبة ومعركة بدر الكبرى وأحدا وغزوات الرسول كلها إلا فتح مكة وكان مشهورا شجاعة واقداما متمثلة فيه روح الإخلاص والتفاني لنصرة قومه العرب .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثق بشجاعته وحنكته العسكرية فوق ثقته بشاعريته وأدبه
وجاء إلى مؤته مع الجم الغفيرمن الصحابة وابنائهم أمثال عبد الله بن عمر ، وزيد بن الأرقم حيث اتندبه الرسول صلى الله عليه وسلم لقيادة تلك المعركة فتحرك الجيش الأسلامي من معان قاصدا مكان المعركة سالكا الطريق الصحرواي اليوم وعندما بلغ الحسا قال الشاعر عبد الله بن رواحة لناقته يخاطبها ويحثها على الجلد والصبر في الله ويترقب الأستشهاد في سبيله
إذا ادنيتي وحملت رحلي مسيرة اربع بعد الحساء
فشأنك فانعمي وخلاك ذم ولا ارجع إلى اهلي ورائي
وجاء المسلمون وغادروني بارض الشام منتهى الثواء
ودارت معركة شديدة بين المسلمين والروم فاستشهد قائد المسلمين زد بن حارثة رضى الله عنه فأخذ اللواء جعفر فسقط مثخنا بالجراح فأخذ اللواء عبد الله بن رواحة كما امر الرسول وباشر مناجزة القوم فأصيبت إصبعهفارتجز قائلا : هل انت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذي حياض الموت قد صليت

وحمي الوطيس ودارت رحى الحرب قوية وقاتل عبد الله بن رواحة يومين متتالين لم ينم بعدها انقشع غبار المعركة عن مئات من المسلمين سقطوا مستشهدين فجاءه ابن عم له بعرق من لحم وقال له شد بذا ظهرك فإنك قد لقيت في ايامك هذه ما لقيت فأخذه من يده وانتهس منه نهسة ثم اشتعا اوار الحرب ثانية وسمع الحطمة في الناس وهي زحفهم ودفع بعضهم بعضا فقال :وانت في الدنيا ؟!يخاطب نفسه ثم القاه من يده واخذ سيفه وتقدم وفاتل حتى غاب في القوم ولم يرجع رحم الله عبد الله بن رواحة ورضى عنه وارضاه فهبت على الكرك نسمات رقيقة يعطرها المجد
وامتدت اياما خالدة الرواء مرفوعة اللواء بعبق المكرمات