الخير كل الخير في اتباع من سلف والشر كل الشر في ابتداع من خلف


قال الله : ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا.....(3)? المائدة
- قال ابن كثير – : هذه أكبرُ نِعَمِ اللهِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ أَكْمَلَ تَعَالَى لَهُمْ دِينَهُمْ، فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى دِينِ غَيْرِهِ، وَلَا إِلَى نَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّهِمْ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عليه، ولهذا جعله اللهُ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ وَبَعَثَهُ إِلَى الإِنْسِ وَالجِنِّ، فَلَا حَلَالَ إلا مَا أَحَلَّهُ، وَلَا حَرَامَ إلا مَا حَرَّمَهُ، وَلَا دِينَ إلا مَا شَرَعَهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ أَخْبَرَ بِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ لَا كَذِبَ فِيهِ وَلا خُلْفَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ?وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا? [الْأَنْعَامِ: 115] أَيْ صِدْقًا فِي الْأَخْبَارِ، وَعَدْلًا فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي. فَلَمَّا أَكْمَلَ لهم الدين، تمت عليهم النعمة؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً? أَيْ: فَارْضَوْهُ أَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّهُ الدِّينُ الَّذِي **** اللهُ ورَضِيَه، وبَعَثَ به أفضلَ الرُّسُلِ الكِرامِ، وأَنزَلَ به أَشرَفَ كُتُبِه.
- وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – : "قَوْلُهُ: ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ? وَهُوَ الْإِسْلَامُ، أَخْبَرَ اللهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين أنه قد أَكْمَلَ لَهُمُ الإِيمَانَ، فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى زِيَادَةٍ أبدا، وقد أَتَمَّهُ اللهُ فَلَا يَنْقُصُهُ أَبَدًا، وَقَدْ رَضِيَهُ اللهُ فَلَا يَسْخَطُهُ أَبَدًا". ا.هـ من تفسير القرآن العظيم [المائدة: 3]
- قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ (عبدُ المَلِكِ بنُ عبدِ العزيزِ): سَمِعْتُ مالكًا يقولُ: "مَنِ ابتَدَع في الإسلامِ بِدعَةً يَراها حسنةً، فقد زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ؛ لِأَنَّ اللهَ يَقُولُ: ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ? فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا". رواه عنه بسنده الإمام ابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام (6/ 85).
- قلتُ (أيمن): وعلى هذا فما كان حلالًا بالأمسِ فهو الحلالُ اليومَ وهو الحلالُ إلى يومِ القيامةِ، وما كان حرامًا بالأمسِ فهو الحرامُ اليومَ وهو الحرامُ إلى يومِ القيامةِ، وما أَصلَح واقعَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكل ما فيه هو عينُه الذي يُصلِحُ واقعَنا اليومَ بكل ما فيه، والمصلحةُ كلُّ المصلحةِ إنما هي في الاتباعِ وتركِ الابتداعِ. ومن قال غيرَ ذلك فهو يَزعُمُ أنَّ الإسلامَ لم يعُدْ يَصلُحُ، أو أنه يتَّهِمُ ربَّ العالمَين بأنه لم يَعلَمْ ما هو كائنٌ في زمانِنا حتى يُنزِلَ في كتابِه أو في سُنَّةِ نبيِّه ما نحتاجُه اليومَ، أو أنه – سُبحانَه- عَلِم لكنه ظَلَمَنا بتركِنا حَيارَى – اللهُ عما يقولُ الظالمون عُلُوًّا كبيرًا....
- وقال حُذَيفَةُ : "فاعلَمْ أنَّ الضلالةَ حقَّ الضلالةِ أن تَعرِفَ ما كنتَ تُنكِرُ، وأن تُنكِرَ ما كنتَ تَعرِفُ، وإيَّاكَ والتلَوُّنَ؛ فإنَّ دينَ اللهِ واحدٌ". مسند ابن الجعد 3083
- وقال: "إذا أحَبَّ أحدُكم أن يَعلمَ أصابَتْه الفِتنَةُ أم لا؟ فلْيَنظُرْ؛ فإن كان رأى حَلالًا كان يَراه حَرامًا، أو رأى حَرامًا كان يَراه حَلالًا فقد أصابَتْه الفِتنةُ". مصنف ابن أبي شيبة 37343

قلتُ (أيمن): فإياك إياك أن تكون ممن يغير دينه، ويبدل عقيدته؛ لأجل المصلحة المزعومة أو فقه الواقع أو....أو.....أو..... واعلم أنه حيثما كان شرع الله فثم المصلحة، وليس العكس (حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله) ولا يَغُرَنَّكَ كثرةُ الهالِكِينَ؛ فإنَّ للباطِلِ جولةً ثم يتَلاشَى.