أحد عوامل الجذب الساحرة التى تدفع الزوار للقدوم إلى العاصمة الألمانية برلين هو الرغبة فى التعرف على طبيعة الحياة فى ظل نظام الحكم الشيوعى الديكتاتورى، حيث أصبحت برلين تتمتع بوجود متحفين أحدهما تجارى الصبغة، والثانى يخضع لإدارة الدولة، والمتحفان يتيحان إلقاء نظرة مباشرة وعلى الطبيعة على عالم انسحب من الوجود فجأة منذ 25 عاما.

ويقع المتحف الأول واسمه "متحف DDR"، وهى الحروف الأولى من اسم جمهورية ألمانيا الديمقراطية الشرقية السابقة تحت مستوى الشارع بالقرب من المتاحف الرئيسية ببرلين، وحقق هذا المتحف نجاحا كبيرا باجتذابه العديد من السياح من مختلف أنحاء العالم.

وتم العام الماضى افتتاح المتحف الثانى تحت رعاية الحكومة الألمانية فى مقر مبنى كالتيربراورى ببرلين وهو مجمع ثقافى ضخم مميز المعمار، وقد يكون هذا المتحف الحكومى أكثر جدية وأقل محورية، ولكنه يتمتع بعامل جذب مهم وهو أنه مجانى.

ويوضح المتحف الذى يستضيفه مجمع كالتيربراورى كيف كان يعيش مواطنو ألمانيا الشرقية ويمارسون حياتهم اليومية، بين شمولية النظام الشيوعى والمحاولات الفردية لخلق قدر ضئيل من الخصوصية لأنفسهم.

ويبين المتحف أيضا عن طريق 800 من المعروضات و200 من الوثائق والأفلام والتسجيلات الصوتية والتقارير عن السير الذاتية، التعايش الذى غالبا ما كان يتسم بالتوتر بين مطالب النظام السياسى وبين الحياة اليومية الشخصية للمواطن الألمانى الشرقى العادى.

وكانت الشيوعية قد فرضت أيديولوجيتها وسيطرتها وقمعها على سلوك المواطنين.

كما يكشف المعرض كيف سعى الكثير من مواطنى ألمانيا الشرقية أو جمهورية ألمانيا الديمقراطية لتحقيق الخصوصية عن طريق التوصل إلى حالة ذهنية معينة، ساعدتهم على تجنب السيطرة الكاملة التى تسعى لفرضها الدولة الخاضعة للنظام الشيوعى، وفى ذلك الوقت تم استخدام مصطلح "الهجرة الداخلية" لوصف هذه الحالة الذهنية.

ومن بين المعروضات فى المتحف بيت ريفى أصيل وهو منزل صغير ملحق به حديقة يقع فى الريف ( وكان يحصل عليه من هو ذو حظ )، ومن المعروضات الأخرى سيارة صغيرة من طراز ترابنت التى كانت شائعة فى ظل النظام الشيوعى بألمانيا الشرقية، وتم تعديل السيارة بتزويدها بخيمة إضافية لأغرض التخييم.

وكان الهدف من الحصول على مثل هذه الأشياء المعروضة بالنسبة للألمان الشرقيين وقتذاك هو محاولة كسب جزء صغير من الفضاء الحر للتنفس بعيدا عن ضغوط النظام الديكتاتورى.