توقفت سيارة سوداء امام الحانة و نزل منها كهل في الاربعينيات يحمل مظلة في يده تبعد عنه بعض قطرات المطر التي تنبأ بقرب وصول العاصفة المتكلم عنها في الجرائد في ذاك اليوم ، اتجه الرجل الى صندوق سيارته فتحه و اخرج منه حقيبة سوداء حملها و دخل الى الحانة وسط استغراب الحضور و تحديقهم في الرجل الغريب صاحب الملامح المكسيكية و المظهر الغريب ، اتخذ الرجل لنفسه ركنا قرب النافذة ثم جلس يحدق في المارة الذين كانو يهرولون و يحثون الخطى خوفا من اشتداد الامطار ، نظر الى ساعته و ابتسم و ماهي الا لحظات حتى دخل الحانة شاب في مقتبل العمر شكله لا يقل غرابة عن سابقه و جلس الى جانب الرجل و قال له بصوت خافت :
ــــ آسف على التاخير سيد خوليو
انتظر السيد خوليو ثوان كانه يختار كلماته ثم قال :
ــــ بضع دقائق تساوي الكثير في عملنا يا بوريسكا !
ــــ عفوا سيدي لم يكن باليد حيلة فحركة المرور كانت مكتظة على طول الطريق بسبب انقطاع الكهرباء.
ابتسم السيد خوليو و همس لبوريسكا
ــــ تأكد بان هذا الوضع لن يدوم طويلا
ــــ اعرف ذلك و الفضل يعود لعبقريتك يا سيدي
ـــــ يالك من متملق يا بوريسكا، لنتكلم في العمل ،هل وجدت طريقة لنشر الجهاز؟
ـــــ لا لم اجد الطريقة المثلى ، فقط مجرد افكار
ـــــ و ماهي ؟؟
ـــــ حسنا يجب ان نعرضه على عدد كبير من الناس حتى لا تحاول الحكومة قمعه او تدميره لان ذلك سيجعلها في صدام مع الشعب و يجب ان نبقي طريقة اختراعه سرية حتى لا يتم تقليده او سرقة افكارك
ـــــ لكن اين سنجد هذا الكم الهائل من الناس لاقناعهم؟ و كيف سنكشفه للعلن ؟
و لفترة ليست بيسيرة من الزمن ساد الصمت في تلك الزاوية من الحانة ليصيح بعدها خوليو باعلى صوته :
ـــــ لقد وجدتها !! لقد وجدتها !! السيرك ! السيرك !
صاح معه بوريسكا قائلا :
ـــــ فكرة عظيمة يا سيدي !!
وسط دهشة الحظور و تعالي صيحات النصر بين الرجلان خرج صاحب الحانة حاملا عصى غليظة ليطردهما من حانته لكن ذلك لم يؤثر على فرحتهما .
في الغد بدأ تخطيطهما لاختراق السيرك و تقديم اختراعهما فاتفقا على التنكر في صورة المهرجين و ان يدخلا الجهاز خلسة معهما فمن مواهب السيد خوليو هي التخفي و اختراق المباني للفترة الطويلة التي قضاها مع المخابرات المكسيكية في فترة شبابه قبل ان يترك عمله و ينكب على البحث العلمي و تطوير جهاز لانتاج الكهرباء من الهواء او كما سماها هو الطاقة الكونية.
و في اليوم التالي حان وقت آداء المهمة فدخلا في الصباح الباكر الى فضاء السيرك اين تنكرا بلباس المهرجين بعد ان خدراهما و سرقا لباسهما ثم حانت اللحظة لتقديم عرضهما فدخلا محاولين اخفاء الجهاز بينهما ليجدا نفسيهما امام كم هائل من المشاهدين فنزع بوريسكا القناع عن وجهه و قال بصوت عال :
ـــــ سيداتي سادتي انتم اليوم في حضرة اعظم رجل في التاريخ
قاطعه الحضور بقهقهات عالية لكنه اكمل :
ـــــ هذا الرجل سيحل معضلة من مشاكلكم اليومية الا و هي الكهرباء
و هنا بدا الامر ياخذ منحى جديا و ازداد تركيز الحضور فنزع السيد خوليو القناع عن وجهه و نزع غطاء الجهاز و قال:
ـــــ ايها الحضور انتم امام اعظم اختراع على وجه الارض فيمكن لهذا الجسم الاسود ان ينتج الكهرباء من الفراغ .
قاطعه احد الحضور و قال :
ـــــ لقد اشتريت تذكرة لرئية المهرج و لم اشترها لمشاهدة الساحر ، انا اطالب بان تعيدو لي نقودي !
اكمل خوليو كلامه و قال :
ـــــ هذا ليس سحرا و لا تهريجا انظرو الى الجهاز و اجيبوني هل هو موصول بالكهرباء ؟ ... لا؟ هل فيه بطارية ؟؟ ... لا ؟ و الآن ساصله بهذا المصباح و انظر الى النتيجة ...
اندهش الحاضرون للنتيجة فالمصباح يشتعل بدون اي مصدر للكهرباء و صاح كل فرد يسال عن الثمن و يريد شراء الجهاز فقال بوريسكا :
ــــــ الثمن ليس مهما المهم ان تقفو مع السيد خوليو لانجاح مشروعه و ان تكونو انتم سببا في تطور هذه البشرية التي عانت من اضطهاد حكامها و طبقتها البورجوازية .
خرج الاثنان بنفس طريقة دخولهما و تواريا عن الانظار و من الغد كتبت الصحف عن الحادثة و اصبح الحدث عالميا فارسل السيد خوليو رسالة الى اكبر وكالة انباء عالمية فيها موافقة على لقاء اعلامي يشرح فيه اختراعه و مطالبه فكان له ذلك و بعد هذا اللقاء انهالت عليه طلبات احتواء اختراعه و ترويجه من قبل اكبر شركات الطاقة العالمية فوافق على احداها و بدا ترويج الجهاز ليكون بذلك اول جهاز لانتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الكونية لكن للامانة لم يكن اولهم فقد سبقه آخرون لكنهم اما قتلو او تم اسكاتهم بالمال فهذه المرة دهاء السيد خوليو هو الذي ساهم في هذه القفزة للبشرية