الإسلام منهج وقائي من الفواحش
إنّ الإسلام أولى الجانب الأخلاقي والسلوكي الأهمية القصوى بعدما غرس معاني الخير والفضيلة والإيمان والتقوى في نفوس معتنقيه لأن هذه المعاني تدفع نحو كل خير وتمنع من كل شرّ، وتجعل المرء المؤمن مراقبًا لله تعالى في السرّ والعلن، في العسر واليسر، في المنشط والمكره، وتصقل الإنسان بأخلاق الإسلام وأحكامه وتعاليمه.
ورسالة رسولنا صلّى الله عليه وسلّم جاءت لِتُتِمَّ مكارم الأخلاق، ومن أجل هذا، اتّخذ الإسلام جملة من التدابير الواقية من الفواحش القولية والفعلية. وسنركّز في مقالنا هذا على منهج الإسلام في الوقاية من فاحشة الزنا ولواحقه:
- جعل الإسلام من صفات عباد الرحمن أنّهم لا يقترفون فاحشة الزنا، قال تعالى {والّذين لا يدعون مع الله إلهًا آخَرَ ولا يقتلون النّفسَ الّتي حَرَّم الله إلاّ بالحق، ولا يزنون، ومَنْ يفعَل ذلك يلقَى أَتَامًا} الفرقان: .68
- وأول هذه التدابير الوقائية من فاحشة الزنا، التربية الإيمانية التي تدفع المؤمن إلى فعل الطاعات وترك المعاصي، وتقيه من التلطخ بأوضار المعصية، وإذا ما وقع في الذنب بادر إلى التوبة بالندم على فعله، والإقلاع عنه والعزم على عدم العودة ليحقّق قوله تعالى {والّذين إذا فعَلُوا فاحشة أو ظلَمُوا أنْفُسَهُم ذكَرُوا اللهَ فاسِتَغفرُوا لذنوبهم، وَمَن يغْفِر الذنوب إلاّ اللهَ، وَلَمْ يُصِرُّوا علَى ما فعلُوا وهم يعلمون} آل عمران: 135، الإيمان الّذي منع يوسف عليه السّلام من الوقوع في الفاحشة مع امرأة العزيز {قال مَعَاذَ الله إنّه ربّي أحسنَ مَثْوَاي إنّه لا يُفلِحُ الظالمون} يوسف: .23
- وثاني هذه التدابير القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}.
- وتشريع الزواج وبيان مقاصده من التدابير الواقية من الزنا، فجعله سبحانه وتعالى من سنن المرسلين عليهم السّلام {وَلَقَد أرسلنا رُسُلاً من قبلك، وجعلنا لهم أزواجًا وذرية} الرعد: .38
وحثّت السنّة المطهرة على الزواج، ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال ''يا معشر الشباب مَن استطاع منكم البَاءَةَ فليتزوّج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم فإنّه لهُ وِجَاء'' متفق عليه.
وحرّم الإسلام أسباب الزنا ودواعيه، من ذلك:
1 تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية {قُل للمؤمنين يَغُضُوا مِن أبصَارِهِم ويحفظوا فروجَهُم...} النور: .30
2 تحريم تبرّج النساء، والأمر بالحجاب سترًا لعورة المرأة، {وَقَرْنَ في بيوتكم ولا تَبَرَّجْنَ تَبرّج الجاهلية الأولَى} الأحزاب:.33
3 منع الاختلاط بين الجنسين بما يعقبه من تبرج وتعرٍّ، ولما ينجم عنه من انهيار الأخلاق لأفراد الأمّة وجماعتها ولأنه يفتح أبواب الفساد والرذيلة {وَإذَا سَألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب..}الأحزاب: .53
4 تحريم المصافحة بين الرجال والنساء الأجانب، فقد كانت بيعة النساء في عهده صلّى الله عليه وسلّم بالكلام دون مصافحة، وما مسّت يد رسول الله يد امرأة إلاّ زوجة'' كما في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه.
5 منع خضوع المرأة بالقول {فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول فَيَطْمَع الّذي فِي قلبه مرض وقُلْنَ قَوْلاً معروفًا} الأحزاب: .23
6 الفصل بين الأبناء والبنات في المبيت، لحديث أبي داود عن النّبي صلى الله عليه وسلّم: ''مُرُوا أولادَكُم بالصّلاة وهم أبناء سبع سنين، واضرِبوهُم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفَرِّقوا بينَهُم في المضاجع''.
7 منع التّشبّه بين الجنسين، ''فقد لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال'' أخرجه البخاري.
8 - منع إفضاء الرجال إلى الرجال والنساء إلى النساء في ثوب واحد منعًا لوقوع المحظور الشرعي من لواط وسحاق.
9- وأخيرًا تشريع العقوبات الرادعة لمرتكبي فاحشة الزنا ولواحقه، لتكون هذه العقوبات جوابر وزواجر {ولكُم في القصاص حياة يا أولي الألباب} البقرة: .179
إن المنهج الإسلامي للوقاية من الفواحش والرذائل للمحافظة على المجتمع العربي الإسلامي المعاصر طاهرًا نقيًا عفيفًا يتحلّى بالفضائل منهجًا وسلوكًا وتعاملاً، ويتخلّى عن الرذائل في مناحي الحياة كافة.