عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَرضى الله تعالى عنه قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ

( إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَ الْمُؤْمِنُ يَغَارُ وَ غَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ )

الشــــــــروح

الْغَيْرَةُ - معناها - : بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَ سُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا رَاءٌ قَالَ عِيَاضٌ ،
وَ غَيْرُهُ : هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ تَغَيُّرِ الْقَلْبِ وَ هَيَجَانِ الْغَضَبِ بِسَبَبِ الْمُشَارَكَةِ
فِيمَا بِهِ الِاخْتِصَاصُ وَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ .
هَذَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ وَ أَمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ ،
فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَحْسَنُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ مَا فُسِّرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي :
حَدِيثَ الْبَابِ ، وَ هُوَ قَوْلُهُ :
( وَ غَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ )
قَالَ عِيَاضٌ : وَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْغَيْرَةُ فِي حَقِّ اللَّهِ الْإِشَارَةَ إِلَى تَغْيِيرِ حَالِ فَاعِلِ ذَلِكَ ،
و قِيلَ الْغَيْرَةُ فِي الْأَصْلِ الْحَمِيَّةُ وَ الْأَنَفَةُ ، و هُوَ تَفْسِيرٌ بِلَازِمِ التَّغَيُّرِ فَيَرْجِعُ إِلَى الْغَضَبِ ،
و قَدْ نَسَبَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى نَفْسِهِ الْغَضَبَ وَ الرِّضَا ،
و قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : التَّغَيُّرُ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ بِالدَّلَالَةِ الْقَطْعِيَّةِ فَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ بِلَازِمِهِ كَالْوَعِيدِ
وَ إِيقَاعِ الْعُقُوبَةِ بِالْفَاعِلِ ، وَ نَحْوِ ذَلِكَ . انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ )
بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، مِنَ الْغَيْرَةِ وَ مَعْنَى غَيْرَةِ اللَّهِ مُبَيَّنٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
( وَ الْمُؤْمِنُ يَغَارُ ) تَقَدَّمَ مَعْنَى الْغَيْرَةِ فِي الْآدَمِيِّ
( وَ غَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ ) مِنَ الْفَوَاحِشِ وَ سَائِرِ الْمَنْهِيَّاتِ وَ الْمُحَرَّمَاتِ .