أهتم الإسلام بالوقت وقد أقسم الله به في آيات كثيرة فقال الله تعالى ( والعصر إن الإنسان لفي خسر ), وقال تعالى ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ), كما قال الله تعالى ( والفجر وليال عشر ) وغيرها من الآيات التي تبين أهمية الوقت وضرورة اغتنامه في طاعة الله, وهناك أحاديث كثيرة توضح ذلك: فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به ؟ ", وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ", وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل "
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم لرجل وهو يعظة: (اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) رواه الحاكم..


فالآيات والأحاديث تشير إلى أهمية الوقت في حياة المسلم لذلك فلابد من الحفاظ عليه وعدم تضيعه في أعمال قد تجلبي علينا الشر وتبعدنا عن طريق الخير, فالوقت يمضي ولا يعود مرة أخرى.

ولقد طبق مفهوم أهمية الوقت في صدر الإسلام, ومن ذلك:

ذكر الطبراني في الجامع الكبير: فعن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي: ما يمنعك أن تغرس أرضك ؟ فقال له أبي: أنا شيخ كبير أموت غدا فقال له عمر: أعزم عليك لتغرسنها, فقال عمارة: فلقد رأيت عمر بن الخطاب يغرسها بيده مع أبي

قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم: - عن نعيم بن حماد قال: قيل لابن مبارك: إلى متى تتطلب العلم ؟ قال: حتى الممات إن شاء الله

قال سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأمقت الرجل أن أراه فارغا ليس في شي من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة

روي أن أبا الدرداء رضي الله عنه, وقف ذات يوم أمام الكعبة ثم قال لأصحابه " أليس إذا أراد أحدكم سفرا يستعد له بزاد ؟ قالوا: نعم, قال: فسفر الآخرة أبعد مما تسافرون !
فقالوا : دلنا على زاده ؟
فقال: ( حجوا حجة لعظائم الأمور, وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور, وصوموا يوما شديدا حره لطول يوم نشوره)

قال عبد الرحمن بن حاتم الرازي عن حاله مع أبيه ( أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ) : ربما كان يأكل فأقرأ عليه ، ويمشي وأقرأ عليه ، ويدخل الخلاء وأقرأ عليه ، ويدخل البيت لطلب شيء وأقرأ عليه سير أعلام النبلاء 13/251.. فكانت ثمرة هذا المجهود وهذا الحرص على استغلال الوقت كتاب الجرح والتعديل في تسعة مجلدات وكتاب التفسير في مجلدات عدة وكتاب السند في ألف جزء.

قال حكيم " من أمضى يوما من عمره في غير حق قضاه, أو فرض أداه أو مجد أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم أقتبسه فقد عق يومه وظلم نفيه "
ويقول الله تعالى في حديثه القدسي: (أحب ثلاثا وحبي لثلاث أشد، أحب أهل السخاء وحبي للفقير السخي أشد، وأحب المتواضعين وحبي للغني المتواضع أشد، وأحب التائبين وحبي للشاب التائب أشد)


من أسباب تضييع الوقت :
ـ عدم وضوح الغاية :
إن عدم وضوح الغاية ، أو عدم وجودها ، أو عدم التفكير فيها ، أو عدم الانشغال بها والسعي لأجلها هو أعظم سبب لضياع الأوقات .
فمن حدد هدفاً يسعى إليه ـ أياً كان الهدف ـ فإنه لن يضيع وقته ، فالطالب الذي يريد التفوق لا يكثر اللهو ، ومن يريد الزواج يسعى لتحصيله بأسبابه ، ومن يريد أن يكون تاجراً يسعى لتحصيل ذلك ، وهكذا فحري بمن غايته الوصول إلى الجنة ونعميها أن يسعى جاداً لتحصيلها ،
قال تعالى : (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضها كعرض السماء والأرض ).آية 21 من سورة الحديد .
وفي الحديث ( من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله عالية ، ألا إن سلعة الله الجنة ).رواه الترمذي ، كتاب صفة القيامة ، باب (18) ح (2450) وقال حديث حسن غريب ، ورواه الحاكم 4/307،308 ، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وكل هدف نبيل يسعى المؤمن لتحصيله فيه إصلاح دينه ، أو دنياه ، أو أمته ، إذا أخلص فيه النية ووافق فيه الطريقة الشرعية فإنه طريق لتحصيل تلك الغاية .
ـ مرافقة الزملاء غير الجادين الذي يضيعون الأوقات سدى ، ولا يستفيدون من عمرهم وشبابهم .
ـ الفراغ ، وعدم معرفة ما ينبغي أن يشغل به وقت .
ـ كثرة الملهيات والمغريات فإذا انشغل بها المؤمن ضاع وقته وخسر عمره .
ـ قلة الأعوان ـ من الأهل والأصحاب ـ على استغلال الوقت .
التحسر على فوات الأوقات :
إذا تنبه العاقل ، وتذكر ما مضى من أيام عمره ، فإنه يندم على الساعات التي قضاها في اللهو والبطالة ، وأشد ساعات الندم حين يقبل المرء بصحيفة عمله ، فيرى فيها الخزي والعار ، قال تعالى : ( يومئذ يتذكر الإنسان وإنا له الذكرى 23، يقول يا ليتني قدمت لحياتي 24).الآيتان 23 ، 24 من سورة الفجر . وقال تعالى : ( أن تقول نفس يا حسرتي ما قطرت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين ).آية 56 من سورة الزمر .
فالعاقل من ندم اليوم حيث ينفعه الندم ، واستقبل لحظات عمره ، فعمرها قبل أن يأتي اليوم الذي لا ينفع

استغلال الوقت :
ينبغي العناية بالوقت وملئه بالعمل حتى لا يوجد فراغ ، فالفراغ داعٍ إلى الفساد ، والنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية .
إن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسدة
إن وضوح الهدف ، ومعرفة أهمية الوقت ، سبب لاستغلاله ، فعليك بترتيب وقتك وتنظيمه واستغلاله بأن تجعل لك جدولاً يومياً وأسبوعياً وخلال الإجازات لكي تستغل وقتك على الوجه المطلوب .
وصور استغلال الوقت أكثر من أن تحضر ، ومنها المحافظة على الصلوات في الجماعة ، والتبكير إلى المسجد وذكر الله ، وقراءة القرآن وخدمة الوالدين ، وصلة الأرحام ، والزيارات النافعة ، وعيادة المرضى ، والتعلّم والتعليم ، والدعوة إلى الخير ، والتفكر في خلق الله ، والتفكير في مصالح نفسك ومصالح وطنك وأمتك ، والعمل النافع المنتج ، وكتابة البحوث ، وحضور حلق العلم والقرآن ، والاستماع لكل نافع ومفيد ، ومساعدة المحتاجين و، وغير ذلك كثير ، بل إن انشغالك بالمباح ، ولو كان نوماً أو اضطجاعاً بنية ترويح النفس لتستعيد نشاطها وتقوى على الطاعة ـ من استغلال الوقت .
قال معاذ رضي الله عنه : أما أنا فأنام وأقوم ، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي . رواه البخاري ، كتاب المغازي ،
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : معناه أن يطلب الثواب في الراحة ، كما يطلبه في التعب ، لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصل بها الثواب .أهـ.فتح الباري 8/62 بتصرف يسير .
والمراد بقومته هنا : قيامه الليل وصلاته .
كما في الحديث الذي رواه الترمذي بسند صحيح أن النبي قال: ((لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه))[7]. والأسفار جزء من الأعمار، وكلٌّ مسؤول ومحاسَب عن ساعات عمره فيما أمضاها، وبناء عليه ندرك أن المفهوم الشرعي للوقت لا يجعل للإنسان الحق في إضاعة وقته، وندرك أيضًا عظمة الوقت بإقسام الله تعالى به وبأجزائه: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [سورة العصر].
إن الإجازة ليست وقتًا مُقْتَطَعًا على هامش الحياة، بل هي جزء من العمر الذي لا يملكه الإنسان، بل يملكه الله الذي خلقه ليوظّفه الإنسان في طاعة مولاه
قال صاحب صيد الخاطر : ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظةً في غيره قربة، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة، فإذا علم الإنسان وإن بالغ في الجد بأن الموت يقطعه عن العمل، عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته، فإن كان له شيءٌ من الدنيا -يعني عنده أموال مثلاً- وقف وقفاً وغرس غرساً يأكل منه الطير والحيوان فيكون له أجر- الناس الذين عندهم مزارع وبساتين، وعندهم حدائق في بيوتهم، لو نووا بهذا الغرس أنه لله، فإذا أكل منه طير أو حيوان فإنهم يؤجرون على نيتهم هذه؛ وقف وقفاً أو غرس غرساً وأجرى نهراً، ويسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده، فيكون الأجر له.......
من صور الحرص على الاستفادة من الوقت :
- قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : كنا بمصر سبعة أشهر ، لم نأكل فيها مرقة ، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ ، وبالليل النسخ والمقابلة ، قال : فأتينا يوماً أنا ورفيق لي شيخاً ، فقالوا : هو عليل ، فرأينا في طريقنا سمكاً أعجبنا ، فاشتريناه ، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس ، فلم يمكنا إصلاحه ومضينا إلى المجلس ، فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام وكان أن يتغير ، فأكلناه نيئاً ، لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه ، ثم قال : لا يستطاع العلم براحة الجسد . سير أعلام النبلاء 13/266.

وجعلنا الليل والنهار ءايتين فمحونا اية الليل وجعلنا اية النهار مبصرة لتتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شئ فصلناه تفصيلا )
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا فقراً منسياً ، أو غنى مطغياً ، أو مرضاً مفسداً ، أو هرماً مفنداً ، أو موتاً مجهزاً ، أو الدجال فشر غائب ينتظر ، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر ). رواه الترمذي وقال : حديث حسن (38). قال الحسن البصري:
ياابن ادم انما انت انفاس وايام ذهب بعضك ويوشك اذا ذهب البعض ان يذهب الكل ويقول أيضا:
ان مع كل شروق يوم جديد يقول (ياابن ادم ..انا يوم جديد.. وعلى عملك فاغتنموا وتزودوا مني فإني اإذا ذهبت لله أعود يوم القيامة)
مهم جدا: أن نعيش ونحن منتبهين إلى كل نفس يخرج منا وكل لحظة تمر من عمرنا
يقول ابن القيم: ( ان كل نفس وكل عرق يخرج في غير طاعة الله أوفائدة في الحياة سيخرج يوم اليقامة حسرة وندامة )
اهتمامكم بوفاتكم من أمور عبادتكم لذاك يقول العلماء( من علامات غضب الله ومقت الله على العبد أن يجعل شواغله أكثر من وقته).

مشروع الأسبوع المثمر: كتبتها: علياء محمد عز الدين
فكرة المشروع: أن تستثمر اليوم ( 24 ساعة) أحسن استثمار، وتحوله إلى وقت كله إنتاج و حيوية. هذا مشروع تستطيع أن تمارسه و أنت في بيتك، أو في حجرتك، و أنت تدرس.
وإليكم الخطوات العملية لهذا المشروع:
لدينا أربعة أشياء علينا أن نحافظ عليها طوال الأسبوع، و نتواصى بها، و نحفز أنفسنا للقيام بها، ونرسل لأصدقائنا رسائل قصيرة نذكرهم بها.
وقد قال العلماء: إذا نويت فابدأ بالمشارطة ثم المتابعة ثم المحاسبة.
و أنا أريد منكم الآن المشارطة، أن تشترط على نفسك الالتزام بأدائها، وهي:
1- عمل .... كل يوم... كل يوم عندنا عمل .
2- عبادة ....كل يوم.... كل يوم عندنا عبادة .
3- رياضة .... كل يوم.... كل يوم عندنا رياضة .
4- اجتماعيات ..... كل يوم... كل يوم عندنا اجتماعيات .
الأولى لنفسك، و الثانية لروحك، و الثالثة لجسمك، والرابعة لعائلتك .
و نحافظ عليها لأنها من قوام الحياة .
استخرجنا المشروع من سيرة النبي صلى الله عليه و سلم، فقد درسنا يوم النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يمضيه، و استخرجنا منه الأمور الأربعة التي كان يحافظ عليها في يومه .
نريد أن نقلد النبي في يومه. نحن لم نرَ النبي صلى الله عليه وسلم، و لكننا نعرف مكونات يومه لكي نقلده، ونريد عندما نقابله أن نقول له: يا رسول الله قلدناك و لو لأسبوع واحد .
و في الآية { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة }
{ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }
فسنقلد الرسول صلى الله عليه وسلم، و نأخذ ثواباً، و نزداد كفاءة، و نفك قيد إهدار الوقت .
أولاً- العمل :
مطلوب 6 ساعات خالصة (صافية) من العمل أو الدراسة.
فلننظر إلى المواطن الغربي:
- متوسط عمله من 6- 7 ساعات يومياً. و المواطن العربي متوسط ساعات عمله 27 دقيقة!!..
6 ساعات خالصة، تعني بدون مقاطعة و لا تليفونات و لا games .
هذه وصفة ناجحة للطلاب أيام الامتحانات، وللموظفين في عملهم، و لربات البيوت في أعمالهن المنزلية و القراءة وتربية الأولاد .
أرجوكم أن تركزوا، فنحن نقوم بتجربة في هذا الأسبوع، نقوم بتدريب، ولم نقل لكم أنكم ستعيشون هكذا للأبد، فلا تخافوا، سترجعون كما كنتم من قبل، ولكننا نقول: فلنجرب سوياً، فقد تعجبكم التجربة، وتنجح وتفرحون بها.

الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصِل الليل بالنهار، و لهذا استطاع في 23 سنة أن يبني أمة يتغلغل الدين في أعماقها لآلاف السنين. النبي صلى الله عليه وسلم بذل كل هذا لتكون أنت مسلماً، وأنتِ مسلمة. اعمل لتكون قد مشيت على خُطا الرسول .
ولننظر إلى الصحابة، سيدنا عمر رضي الله عنه كان يقول: ( متى أنام ؟ إن نمت بالليل أضعت حق ربي، و إن نمت بالنهار أضعت حق الرعية ).
ثانياً- العبادة :
النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على أربعة أشياء، ولا يتركها أبداً: قيام الليل، والذكر، والقرآن، والدعاء .
حاول أن تقوم في الليل و لو ركعتين فقط، و أثناء القيام اقرأ من القرآن و لو صفحة واحدة، واذكر الله و ادعُ ولو دقيقة. ستكون قد عملت الأشياء الأربعة التي لم يكن الرسول يتركها أبدا .
و هذه الوصفة لتساعدك في موضوع العبادة :
استيقظ قبل الفجر بربع ساعة، وصلِّ ركعتين بالمصحف في أحب الأوقات إلى الله، وادعُ الله، فالدعوة في هذا الوقت مستجابة، ثم صلِّ الفجر، و هكذا تكون قد جمعت الأربعة المطلوبة في 25 دقيقة، و استيقظت وأيقظت من حولك، و العالم كله استيقظ بفضلك.
ثالثاً- رياضة :
لا بد أن تتريض لمدة نصف ساعة، في البيت أو في النادي، وبالنسبة للسيدات فعليهن أن يمارسن الرياضة أيضاً ولكن في مكان مغلق.
النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بديناً أبداً، و سابق السيدة عائشة و هو في الستين من عمره، و سبقها و هي في الثامنة عشرة.
و انظر بالمقابل لأمة محمد التي تعاني من أثر السجائر و تتعب من أقل مجهود.
رابعا الاجتماعيات :
نصف ساعة كل يوم تقابل فيها والديك أو أقاربك، أو تجالس زوجتك أو أبناءك، أو تزور جيرانك أو إخوتك، أو حتى تحادثهم هاتفياً. تخيل كيف سيصلح هذا من علاقاتك مع الناس، ولكن بشرط: أن تكون نصف الساعة هذه بتركيز، فلا تجلس مع زوجتك مثلاً وأنت ممسك بالهاتف.
تخيل لو كل الناس نفذت هذا. تخيل أن الله تعالى ينظر لأمة محمد هذا الأسبوع فيجدها تنفذ أربعة أشياء كان النبي لا يتركها، وتخيل كيف ستصبح علاقتك بربك في خلال هذا الأسبوع .
تخيل علاقتك بزوجتك، و بمديرك في العمل، قدراتك و لياقتك البدنية .
و كل هذا لن يستغرق أكثر من:
6 ساعات دراسة + 25 دقيقة عبادة + نصف ساعة رياضة + نصف ساعة اجتماعيات = أقل من 8 ساعات.
و بقية اليوم عندك، افعل فيه ما تريد. جرب المشروع فقد تسعد به.
هذه المرة لا نريد أن نحصي على أنفسنا ونريد أن تكون الملائكة هي فقط التي تحصي علينا....نريد أن يُكتب في صحائف الأعمال "قام لله، وعبد الله، وتقرب إلى الله، وبر والديه، ونجح في حياته لله"
فلا ترسلوا إلينا هذه المرة على المنتدى، إلا مشاعركم إن أحببتم، ولكننا لا نريد أن نحصي العدد...لماذا؟ لأننا نريدها لله.
هذه طريقة جديدة..... كنا في البداية نريد رفع الروح المعنوية، وهو أمر هام، ولكن هذه الطريقة ليست الوحيدة، فقد بدأنا نفك قيودنا، ولا بد للنفس من داخلها أن تقول: أنا سأنجح وسأُنجّح من بجواري، والنتيجة ستعلن يوم القيامة ولن تعلن في الدنيا.
تخيلوا يا إخوتي الفرحة يوم القيامة، ونحن نقف بين يدي الله عز وجل، ويُنادى: من أمتك يا محمد فلان وفلان تعالوا إلى هنا، أنتم اتبعتم خطوات النبي في أسبوع، وكنتم معاً دون أن يعرف أحد منكم الآخر، ولكنكم كنتم تُوقظون بعضكم.... تخيلوا الثواب، وفرحة النبي صلى الله عليه وسلم بنا ونحن نقول له: لقد اقتفينا خطاك يا رسول الله أسبوعاً إثر أسبوع.
تعالوا معا نرى الإحصائيات التي تمثل واقعنا الآن:
المواطن العربي يمضي 60% من يومه في مشاهدة التلفاز، و 28% في أشياء لا قيمة لها، و ينام في الثانية أو الثالثة صباحا، ويستيقظ في العاشرة.
المواطن الغربي يستيقظ في السادسة صباحاً، و ينام في العاشرة مساء، و لا يعرف اللهو إلا في عطلة نهاية الأسبوع.
المواطن الغربي يقرأ و هو في وسائل المواصلات أو أثناء انتظاره للطبيب .
المواطن العربي وقته ضائع في لعب على الكمبيوتر، أو الدردشة (شات)، أو التنزه بالسيارة على غير هدى، أو الأكل، أو الجلوس في المقاهي، أو التحدث لساعات في الهاتف........
و النتيجة أننا نتحرك بربع طاقتنا، فمن المستحيل أن نلحق بالغرب، مهما دعونا الله تعالى.
لا يمكن أن يحدث تغيير، ما دمنا هكذا.
هذا بالرغم من أن كل عبادتنا مرتبطة بالوقت : الصلاة، الزكاة، الحج .
{إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}
(يا رسول الله أي الأعمال أفضل ... الصلاة على وقتها )
و الصوم ... أيام معدودات .. صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته .
الحج أشهر معلومات....
و الزكاة ... يجب أن يحول الحول لدفعها..
و القرآن دائما يذكر آيات مرتبطة بالزمن :
{ لتبتغوا فضلا من ربكم و لتعلموا عدد السنين و الحساب}
آيات كثيرة تقسم بالزمن، ( والضحى...... والعصر...... والليل..... والفجر....). وربنا لا يقسم بشيء إلا إذا كان له قيمة كبيرة، وكأنه يقول لنا: انتبهوا أيها المسلمون، فهذا شيء هام جداً وثمين.
كل هذا، و الشباب يقول لك: أنا أقتل الوقت!!.. و لا يعرف أن الوقت هو الحياة، و أنه يقتل نفسه .
أهذه أمة محمد؟؟ ما هذا الفراغ؟؟ أتأكل عمرك وتكون راضياً ومسروراً بهذا؟؟
لقد عينت فرنسا وزيراً اسمه "وزير الوقت الضائع للشباب" لاستثماره.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال سبعاً....) (اغتنموا خمساً قبل خمس...)
و في القرآن : سارعوا إلى مغفرة من ربكم .... فاستبقوا الخيرات....
أرأيتم كم الوقت غالٍ وثمين في الإسلام؟
لقد قال علماء المسلمين كلاماً عن الوقت لا يعرف الغرب أن يقول مثله، ولهذا بنوا نهضة وحضارة.
- قال الحسن البصري: ما من يوم يبزغ فجره إلا وملك يهبط من السماء فيقول: يا ابن آدم، أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني، فإنني لا أعود إلى يوم القيامة.
- يا ابن آدم، إنما أنت أنفاس، فإذا ذهب نفسك، فقد ذهب بعضك، و يوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل .
- قال ابن القيم : كل نفس وكل عرق يخرج في الدنيا في غير سبيل الله سيخرج يوم القيامة حسرة و ندامة .
- و قال أيضاً: من علامات مقت الله للعبد تضيع وقته في ما لا فائدة فيه، لأنه يفوت على نفسه فرصة الجنة. و من علامات حب الله للعبد أن يجعل مشاغله أكثر من وقته .
لأن الشيطان يتسلط على العبد الخالي من العمل.
إذا أحببت أن تعرف هل الله راض عنك أم يمقتك؟ فانظر إلى يومك بالأمس، أكنت فيه فارغاً أم مشغولاً بعمل مفيد.
- قال المحاسبي : و الله وددت لو أن الوقت يُشترى بالمال، لأشتري بأموالي أوقاتاً من الفارغين و الغافلين، أنفقها في سبيل الله.
- قال ابن مسعود : ما ندمت على شيء كندمي على يوم غربت فيه شمسه، لم يزد فيه عملي.
- ابن عقيل الذي ألف كتاب الفنون من 800 مجلد، كان يقول: أنا لا آكل كما تأكلون، بل آتي بالكعك أضعه في الماء ليصير عجيناً فأبتلعه لأوفر الوقت.
لابد أن تعرف متى تتنزه، ومتى تتابع المباريات، ومتى يكون وقتك غالياً، وتوازن، فبدلاً من متابعة ست مباريات، يكفيك واحدة.
- أبو يوسف تلميذ أبي حنيفة قال: كان أبو حنيفة يحتضر، فطلب ورقة وقلماً ليحل مسألة وقال: لو بقي من العمر لحظة لوددت أن أفعل فيها شيئاً ينفع المسلمين أقابل به الله.
- قال رجل لابن الجوزي: اجلس بنا نتجاذب أطراف الحديث. قال نعم و لكن أوقف الشمس.
ولذلك خرجت أجيال عملت الكثير في وقت قصير. و بارك الله في أعمارهم، و أنجزوا في ساعة ما تحتاج أنت إلى سنوات لتنجزه.
- أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قاد جيش المسلمين و عمره 16 عاماً، و في الجيش أبو بكر و عمر وكبار الصحابة، وذهب لمحاربة أعظم إمبراطورية في ذلك الزمان: الروم. و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إمارته: والله إنه لخليق بها. و قاد الجيش و انتصر، و قالوا: والله ما غنم جيش كما غنم أسامة، و لم يقتل أو يؤسر أحد من المسلمين.
الإنسان الناجح يعمل في الإجازة، وإن لم يجد عملاً يبحث عن عمل تطوعي.
- سعد بن معاذ أسلم و عمره 30 عاماً، و مات وعمره 37 عاماً، أي عاش في الإسلام سبع سنوات، و اهتز لموته عرش الرحمن، و نزل سبعون ألف ملك يشيعون جنازته.
- مصطفى كامل قاوم الإنجليز و هز إنجلترا و مات و عمره 33 عاماً.
- عمر المختار كل فترة جهاده من سن 60 إلى 70 عاماً.

- محمد بن القاسم الثقفي فتح الهند و السند و عمره 17 عاماً، و خاض 12 معركة في سنة واحدة، وانتصر فيها كلها.
- زيد بن ثابت أسلم وعمره عشرة أعوام، وعلمه النبي القرآن و عمره 12 عاماً، ثم تعلم العبرية و عمره 14 عاماً، أصبح مترجم النبي و عمره 16 عاماً، ثم أصبح ممن يكتبون الوحي بين يدي النبي و عمره 17 عاماً، ثم أصبح مسؤولاً عن المواريث و عمره 19 عاماً جمع القرآن و عمره 21 عاماً.
يا إخوتي أنا أتكلم بحُرقة لأنه يصعب عليّ أن أرى واقع شبابنا هكذا.....أرأيتم هؤلاء الناس، وكيف أنجزوا كل هذا في وقت قصير؟ فماذا تفعلن يا نساء المسلمين؟ فيم يضيع وقتكم يا شباب المسلمين؟ أرجوكم وقتكم ثمين جداً، ولذلك مشروعنا هذا الأسبوع "الأسبوع المثمر" نحن لا نمزح فيه، أرجوكم نفذوه واستغلوا كل دقيقة في هذا الأسبوع، واحرصوا عليه بمنتهى القوة.
الوقت المهدر عندنا رهيب، ثماني ساعات نوم، وثماني ساعات أكل و حاجات بيولوجية. ثماني ساعات تعني ثلث العمر، يبقى ثلث و هذا هو الأسبوع المثمر.
تخيل كل نَفَس يخرج منك يقفل عليه في خزنة، و تفتح فقط يوم القيامة، تخيل عندما تفتح خزائنك يوم القيامة، واحدة إثر الأخرى، وكلها خاوية وفارغة، أو ممتلئة بأعمال سخيفة تافهة............
ثم تخيل لو كانت هذه الخزائن مليئة بذكر الله، أو الإنتاج، أو الإبداع والاختراع للمسلمين، أو الإصلاح، أو.......
تخيل رجلاً عنده 100 ألف جنيه، و رماها في البحر، سنقول عنه أنه سفيه، ونحجر عليه، و أنت رأس مالك أنفاسك، فمن يضيع وقته، كالذي يضيع ماله، فهو يأخذ عمره ويرميه في البحر، فعلينا أن نحجر عليه.
الواجب العملي :
سألخصه في النقاط الآتية :
1- حدد هدفك في الحياة.
فلا يمكن أن تحافظ على وقتك إلا إذا كان لديك هدف في الحياة، عندها ستجد أنك حريص على وقتك، و تقسمه إلى مراحل، ولكل مرحلة زمن محدد. لذا كانت حلقة "قيمة الوقت" بعد حلقة حدد هدفك، فارجعوا للحلقة الماضية.
2- نظم ورقة جدول للوقت كالآتي:
الساعة العمل الوقت المبذول
4:00
4:15
4:30
3- املأ الجدول ليوم واحد، و ستفاجأ بالكوارث التي ستجدها، ستجد 60%من وقتك صفراً.
و إذا كنت مستعداً لتعديل وقتك، فالنقاط التالية ستساعدك:
1- اكتب كل يوم ما تنوي أو تتمنى تحقيقه في اليوم التالي.
2- اكتب بعدها ما عليك فعله في اليوم التالي على شكل نقاط.
3- ركز في كل عمل تعمله، و لا تقطعه أبداً، فأكثر ما يهدم العمل عندنا أهل الوطن العربي هو المقاطعات، يكون الشاب قد بدأ في دراسته، ثم يقطعها بهاتف، أو متابعة مباراة، ثم يمضي الوقت، ويجد أنه لم ينجز شيئاً فيحبط. اضغط على نفسك و ستجد الإنتاج أضعافاً مضاعفة .
4- قلل ساعات نومك و لو ساعة كل يوم يعني في السنة 365 ساعة. هذه الساعات الفائضة يمكنك أن تحضر فيها دكتوراه، أو تحفظ فيها القرآن.
5- إياك و صحبة الفارغين.
6- اعمل أعمالاً بالتوازي: فمثلاً أثناء انتظارك للطبيب، أو أثناء انتقالك في المواصلات اقرأ أي كتاب، فابن القيم ألف كتابه زاد المعاد و هو ذاهب للحج على راحلة.
7- إياك والفراغ في الصيف، اعمل أي عمل، فإن لم تجد فاعمل في عمل تطوعي.
8- حاسب نفسك كل ليلة: ماذا أنتجت البارحة؟ ستفرح بنجاحك. واحسب النسبة المئوية لإنجازك في الأسبوع المثمر، فاليوم: 30% ولكنني يجب أن أحقق 80% ، وكل يوم ستزيد.
9- إياك أن تمشي من غير دفتر صغير للمواعيد.
و أخيرا أنا أعتقد أننا لو استطعنا أن ننظر للأسبوع المثمر بنية أن ديننا يعظم الوقت، وأننا سنعظمه إرضاء لله، وحباً لرسوله صلى الله عليه وسلم، فإن نظرتنا للوقت ستتغير، وحياتنا كلها ستتغير.
وأسأل الله تبارك و تعالى أن يعيننا على ذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله الا أنت أستغفرك وأتوب اليك