من صلى وهو يدافع البول،فنقول إن صلاة من يدافع البول أو الغائط أو الريح صحيحة مع الكراهة،بحيث يمكنه أن يزيل ذلك قبل الدخول في الصلاة،هذا في الشخص الطبيعي،
أن مجرد الإحساس بالبول بدون مدافعة لا يدخل في النهي، مع أن الأفضل أن يدخل الإنسان وقد أزال عنه ما يشغله في صلاته من الخواطر،وإما إذا كانت هناك مدافعه فإن غاية ما فيه أنه تكره صلاته ولا تبطل لأنه وإن شغل به عن الخشوع فإن الصلاة مجزئه عنه، وإنما ينقص بذلك أجرها وثوابها بقدر نقصان الخشوع فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم(إن الرجل لينصرف فلا يكتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها)رواه أبو داود،
وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت،سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(لا صلاة بحضرة طعام،ولا وهو يدافعه الأخبثان) رواه مسلم،أي(لا صلاة وهو،أي،المصلي،يدافعه الأخبثان البول والغائط، ويلحق بهما مدافعة الريح فهذا مع المدافعة،بأن يضم وركيه أو فخذيه، ولا يأتي بالصلاة إلا بصعوبة شديدة،
وأما إذا كان يجد في نفسه ثقل ذلك وليس هناك مدافعة فلا نهي عن الصلاة معه،ومع المدافعة فهي مكروهة،قيل،تنزيهاً لنقصان الخشوع،فلو خشي خروج الوقت إن قدم التبرز وإخراج الأخبثين قدم الصلاة وهي صحيحة مكروهة)
وبصحة صلاة المدافع للأخبثين قال جمهور العلماء،قال النووي (يكره أن يصلي وهو يدافع البول أو الغائط أو الريح أو يحضره طعام أو شراب تتوق نفسه إليه لحديث عائشة، قال أصحابنا،أي الشافعية(فينبغي أن يزيل هذا العارض ثم يشرع في الصلاة فلو خاف فوت الوقت فإنه يصلي مع العارض محافظة على حرمة الوقت ثم يقضيه لظاهر هذا الحديث، ولأن المراد من الصلاة الخشوع فينبغي أن يحافظ عليه)
وعلى هذا يكون الحديث دليلاً على أن من يصلي بحضرة الطعام أو مع مدافعة الأخبثين أقلُّ أحواله أنه عاصٍ للنبي صلى الله عليه وسلم،لمخالفته نهيه،وإن كانت صلاته صحيحة لدلالة الإجماع ،
وقد يجتمع في الشيء الواحد طاعة ومعصية من وجهين مختلفين ،فالمصلي المسبل مأجورٌ بصلاته آثم بإسباله،وهكذا مثالنا هنا،
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،وفي مسند الإمام أحمد من حديث عبدالله بن مسعود قال،أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من،قالوا،ولا مشروع إلا ما شرعه الله ورسوله,وهو سبحانه ما شرع فعل الصلاة والصيام(لا إيمان لمن لا أمانة له،ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب،ولا صلاة إلا بوضوء)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم(ثمانية لا يقبل الله صلاتهم،الامام الجائر حتى يرجع إلى مولاه، والامام الذي يصلي بالقوم وهم له كارهون، والسكران، ومانع الزكاة، وتارك الوضوء، والزبين، والمرأة تبيت وزوجها عليها ساخط،والحرة تصلي بغير قناع)
رواه الصدوق،رحمه الله، في أبواب الثمانية،حدثنا أحمد بن يحيى بن عمران الاشعرى، قال رسول الله صلى الله عليه،ثمانية لا يقبل لهم صلاة وساق إلى أن قال،قالوا،يا رسول الله،وما الزبين،قال،الذي يدافع الغائط والبول،وتارك الوضوء ناسياً متى تذكر فعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة،
وروى الشيخ الصدوق في الخصال،بسنده عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبدالله الصادق،عليه السلام،ورواه في الفقيه،قال،قال النبي صلى الله عليه وسلم(وضع عن أمتى تسعة أشياء،السهو، والخطأ، والنسيان، وما اكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، والطيرة،والحسد، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفة)