بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعض من نطق في المهد
يقول الله تعالى في محكم التنْزيل﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾آل عمران،
ويقول عز من قائل﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾آل عمران،فهذه السماء بكواكبها وأفلاكها،وهذه الأرض بفجاجها ومياهها وهذه النباتات بتنوع أشجارها وثمارها،وهذه الحيوانات باختلاف أشكالها وأفعالها، كل هذا يدل على عظيم قدرة الله تعالى،فمن عظيم قدرة الله تعالى،
أن أنطق في المهد صغاراً،فربنا قادر على كل شىء لا يعجزه شىء أبداً،فهو الذي أنطق عيسى عليه السلام وهو في المهد ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً﴾

والغلام الذي أتى به رجل من أهل اليمامة يوم ولد ولقد لفّه في خرقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا غلام من أنا، فنطق بلسان عربي فصيح قائلاً(أنت رسول الله )

وهذا جريج الرجل الصالح في يوم محنته يوم اتهمته امرأة فاجرة زانية بولد حملت به من راعٍ بعد أن مكّنته من نفسها والعياذ بالله فجاء الناس إليه واستنزلوه وجعلوا يضربونه فقال لهم،دعوني حتى أصلي،فصلى،فلما انتهى من صلاته،وضع إصبعه في بطن الصبي وقال،يا غلام من أبوك،فأنطق الله تعالى الغلام فقال،فلان الراعي،فأقبلوا على جريج يقبّلونه ويتمسّحون به وقالوا،نبني لك صومعتك من ذهب،قال،أعيدوها من طين كما كانت،

والماشطة التي ثبّت الله تعالى قلبها على دين الإسلام،وهي تشاهد قتل أولادها من قبل الطاغية المتجبّر المتكبّر فرعون، فأكرمها الله تعالى بأن أنطق رضيعها الذي كان بين يديها قائلاً، يا أمهاه اصبري فإنك على الحق،

ولا ننسى الشاهد، الشاهد الذي شهد ببراءة نبي الله وحبيب الله يوسف عليه السلام،بعد أن اتهمته امرأة العزيز بمحاولة الاعتداء عليها بالفاحشة وبرأت نفسها،ردّ يوسف عليه السلام هذه التهمة عنه﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي﴾ وفي هذا الموقف أنطق الله
القادر على كل شىء شاهداً من أهلها وهو طفل صغير في المهد لتندفع التهمة عن يوسف عليه السلام،وتكون الحجّة على المرأة
التي اتهمته زوراً،لتظهر براءة يوسف عليه السلام،واضحة أمام عزيز مصر ووزيرها، فقال هذا الشاهد من أهلها﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ
قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ﴾أي لأنه يكون قد راودها فدفعته حتى شقّت مقدّم قميصه فتكون التهمة بذلك على يوسف،
وحاشا لنبي من أنبياء الله أن يفعل مثل هذه، فالأنبياء الله تعالى حفظهم وعصمهم من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة
وبعدها، فما من نبي من أنبياء الله يزني أو يهمّ بالزنى،ثم قال هذا الشاهد﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ﴾
سورة يوسف،أي لأنه يكون قد تركها وذهب فتبعته وتعلقت به من خلف فانشقّ قميصه بسبب ذلك وتكون التهمة بذلك على امرأة
العزيز، فلما وجد العزيز أن قميص يوسف قد انشق من خلف خاطب زوجته وقال لها﴿إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾سورة
يوسف،أي هذا الذي جرى من مكركنّ أنت راودته عن نفسه ثم لتدفعي التهمة عن نفسك اتهمته بالباطل والبهتان،وأما قوله
تعالى﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ سورة يوسف،فمعناه أن امرأة العزيز هَمّت بأن تدفعه إلى الأرض لتتمكّن
من قضاء شهوتها بعد وقوعه على الأرض،وهو همّ بأن يدفعها عنه ليتمكّن من الخروج من الباب لكن لم يفعل هو لأن الله ألهمه
أنه لو دفعها لكان ذلك حجّة عليه عند أهلها بأن يقولوا إنما دفعها ليفعل بها الفاحشة،فالذي يجب أن يُعتقد أن الله تعالى عصم نبيه
يوسف عليه السلام،ونَزّهه عن الفحشاء وحماه عنها وصانه منها،كما صان وعصم سائر أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.