السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



تخيل نفسك قلم رصاص !!
في البدء ..
تكلم صانع قلم الرصاص إلى قلم الرصاص قائلا : هناك خمسة أمور أريدك أن تعرفها قبل أن أرسلك إلى العالم.. فَتَذَكرْها دوماً وستكون أفضل قلم رصاص ممكن ..
أولاً: سوف تكون قادراً على عمل الكثير من الأمور العظيمة ولكن فقط!! إن أصبحت في يد أحدهم.
ثانيا: سوف تتعرض لـ(بري) مؤلم بين فترة وأخرى، ولكن هذا ضروري لجعلك قلماً أفضل.
ثالثاً: لديك القدرة على تصحيح أية أخطاء قد ترتكبها..
رابعاً: دائما سيكون الجزء الأهم فيك هو ما في داخلك فاهتم به أعظم الاهتمام ..
خامساً: مهما كانت ظروفك فيجب عليك أن تستمر بالكتابة وعليك أن تترك دائماً خطاً واضحاً وراءك مهما كانت قساوة الموقف..
وفَهِمَ القلمُ ما قد طُلب منه، ودخل إلى علبة الأقلام تمهيداً للذهاب إلى العالم بعد أن أدرك تماماً غرض صانعه..
والآن أخي..
ضع نفسك محل هذا القلم.. وتذكر دائما ولا تنسَ هذه الأمور الخمسة وستصبح أفضل إنسان ممكن..
أولاً: ستكون قادراً على صنع العديد من الأمور العظيمة.. ولكن فقط إذا ما تركت نفسك بين يدي الله.. ودع باقي البشر يقصدوك لكثرة المواهب التي امتلكتها, فعليك بالإخلاص وكثرة الدعاء.
ثانيا: سوف تتعرض لبري مؤلم بين فترة وأخرى, بواسطة الابتلاءات و المشاكل التي ستواجهها وتواجهك، ولكنك ستحتاج هذا البري كي تصبح إنساناً أقوى من ذي قبل ..
{ألم*أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
ثالثاً: ستكون قادراً على تصحيح الأخطاء والنمو عبرها " فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " والعاقل من استفاد من أخطاءه .. وأخطاء غيره .. وكان غيره عبرة له ولم يكن هو عبرةً لغيره ..
رابعاً: اعلم أن الجزء الأهم منك سيكون دائماً هو داخلك " القلب .. وما أدراك ما القلب"
إن في الجسد مضغةً إذا صلُحت..
خامساً: في أي طريق مشيت ، فعليك أن تترك أثراً .. و بغض النظر عن الموقف، فعليك دائماً أن تخدم دين الله في كل شيء..
*كن قلماً مختوم عليه* (وقف لله)
وأترك أثراً قبل الرحيل ..
قال ذو النون:"من شغل قلبه ولسانه بالذكر، قذف الله في قلبه الاشتياق إليه".
قال إبراهيم بن الجنيد: "كان يُقال: من علامة المحبة لله: دوام الذكر بالقلب واللسان، وقلَّ ما ولع المرء بذكر الله عز وجلَّ إلا أفاد منه حب الله جل جلاله".
يقول ابن القيم: "وقد جعل الله لكل شيء سببًا، وجعل سبب المحبة دوام الذكر، فمن أراد أن ينال محبة الله عز وجلَّ فليلهج بذكره، فإنَّه الدرس والمذاكرة، كما أنَّخ باب العلم، فالذكر باب المحبة، وشارعها الأعظم، وصراطها الأقوم" (الوابل الصيب ص (50)).
فلا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله، لا تغفل عن أذكار الصباح والمساء فإنَّها زادك الإيماني.
أكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فإنَّها حرز من الشيطان وسبب للعتق من النيران، ورافعة للحسنات، ماحية للسيئات، وهي من أفضل الأعمال إلى الله تعالى.
أكثر من قول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، فكما تعلم فإنّها تثقل الميزان، ومدعاة لمحبة الرحمن.
أكثر من الاستغفار: فإنَّه يطهر القلب والجنان، ومدعاة لتكفير الذنوب والآثام.
أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: فإنها من أعظم أسباب تنزل الرحمات، وبها تستجلب محبة الحبيب صلى الله عليه وسلم وشفاعته يوم المعاد، وترفع بها الدرجات، وتقضى الحاجات.
اصنع هذا ولسان حالك كأنه يقول:
وكيف أشغل قلبي عن محبتكم***بغير ذكركم يا كل أشغالي
تلاوة القرآن بالتدبر والتفكر.
عن أمنا عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم ب {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [سورة الإخلاص]، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟»، فسألوه فقال: "لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أخبروه أن الله يحبه» [متفق عليه].
فلمَّا أحب تلك السورة لما فيها من صفات الله جل وعلا، أحبه الله من أجل ذلك، وهذه هي القراءة المطلوبة، قراءة بتمعن وتفكر في كلام من تحب.
يقول ابن القيم: "فتبارك الذي جعل كلامه حياة للقلوب، وشفاء لما في الصدور، وبالجملة فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر، فإنه جامع لجميع منازل السائرين، وأحوال العاملين ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبة والشوق، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل، والرضا والتفويض، والشكر والصبر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكمال، وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة، والتي بها فساد القلب وهلاكه، فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأه بتفكر حتى مرَّ بآية وهو محتاجًا إليها في شفاء قلبه كررها، ولو مائة مرة ولو في ليلة".
كلٌّ منا هو كقلم رصاص
تم صنعه لغرض فريد وخاص
وبواسطة الفهم والفطنة والذكاء وسلوك طرق الصواب .. نواصل مشوار حياتنا في هذه الأرض واضعين في قلوبنا هدفاً ذا معنى وعلاقة يومية مع الله ..
إن لم تكن تعلم فاعلم أنه قد تم خلقك من أجل أهداف عظيمة فاعقلها وافهمها وقم بها على الوجه المطلوب ..
فإلى كل من يعمل لوحده ( كن متعاوناً مع الآخرين .. ولا تعمل لوحدك )
فمع الآخرين يكون شكلك مرتب وأذوق .. وعند ربك أحب وأنفع ..