صدر عن دار شرقيات ديوان بعنوان "التى.." للشاعر وليد الخشاب، ويتراوح الديوان بين الغناء للمعشوقة "التى" والثناء عليها وبين الحوار معها بل ومشاكستها، كذلك تتوالى فيه مقاطع من قبيل اليوميات الشعرية ومقاطع غنائية رومانسية.

يبدأ الكتاب باغتراب ذات الشاعر عن المعشوقة فى قسم بعنوان "اغتراب"، يتمثل فى مشاهد عنيفة تستدعى صورة سالومى وهى تتسبب فى قطع رأس المعمدان أو صورة المعشوقة وهى تبتر أطرافها وأعضاءها لتبتعد عن العاشق، لكن فى القسم التالى "اقتراب" سرعان ما يقوم الشعر برأب الصدع بين العاشقين لتتحول بقية أقسام الديوان إلى تجليات مختلفة فى مدح المعشوقة التى لا يسميها الشاعر ولا يشير إليها إلا بلفظ "التى"، تتبدل أحوال وتجليات "التى" على مدار الصفحات فتارة عيونها زرقاء وتارة تشبه الشمس، تارة هى عربية أو أندلسية، وتارة هى بابلية أو فرعونية، مثلما فى ديوانه الأول "الموتى لا يستهلكون" الصادر عن دار ميريت عام 2000.

ويتحرى "الخشاب" التفاصيل العادية والسخرية على نحو ما جرت عليه قصيدة التسعينات، والجديد فى ديوان "التى.."، هو التراوح بين العوالم اليومية العابرة بقصيدة النثر وبين التناص مع المتن العربى الكلاسيكى، فحينا يشير إلى فواتير الكهرباء أو ناطحات السحاب فى نيويورك، وحينا يستدعى معلقة "امرؤ القيس" ويشير إلى "سقط اللوى"، فيستدعى صور الهودج والحرير الدمقسى وصور الطريق السريع والقماش "البليسيه"، فى آن.

كذلك يتمايز ديوان "التى.." عن قصائد التسعينات بإشاراته إلى الثقافة الصوفية مثلما فى النداء على "ليلى" بوصفها محبوبة معبودة معا، أو فى تغنيه بالوردة فى تجليات عديدة، فربما تكون الوردة "موتيفة سينمائية" مثل "وردة القاهرة الأرجوانية" أو تاريخية مثل القصيدة عن "بنازير بوتو" أو عرفانية ملغزة، أو كل ذلك معا.

وفى المقابل فالملمح التسعينى الأكثر وضوحا فى ديوان "التى.." يتمثل فى الإشارات إلى عالم الفن السابع، لاسيما فى القسم المعنون "سينما"، حيث تتغنى القصائد بسامية جمال وسعاد حسنى وعبد الحليم حافظ بل وإسماعيل ياسين، ولا يقتصر التناص على فترة العصر الذهبى للسينما المصرية، بل يمتد إلى تحية نجوم ساطعة فى سماء هوليوود مثلما فى قصيدة "فالنتينو" وفى مجموعة القصائد المهداة لأودرى هيبورن ولوجهها على نحو خاص، والمفارقة أن تمجيد تلك النجمة الهوليوودية الأسطورية يكتسب بعدا صوفيا خافيا تومى إليه الإشارة إلى الوجه، فيجتمع بذلك عالم غربى شديد الحداثة بعالم العصور الوسطى العربية، هكذا تكتسى المعشوقة "التى.." بثوب خرافى غزلت خيوطه من عوالم نجوم السينما والثقافة العرفانية وتفاصيل الحياة اليومية مجتمعة.