" أنيميا البحر المتوسط "


الثالاسيميا هي مجموعة متنوعة من أمراض الدم الوراثية ، تتميز بإنخفاض أو تلاشي إنتاج الهيموجلوبين الطبيعي مما يؤدي إلى درجات متفاوتة من الأنيميا ذات الحجم الصغير من كريات الدم الحمراء .
وهي تعتبر من أكثر الآمراض الوراثية شيوعًا في العالم وتزيد نسبتها في منطقة الشرق الأوسط وللمنحدرين من أصول عربية وآسيوية .

كيف تنشأ الثالاسيميا :
الثالاسيميا تنشأ من وجود خلل في 1 أو أكثر من الجينات المسؤولة عن تكوين وحدات الهيموجلوبين ، بحيث انه إما يتم تصنيع كمية أقل من الهيموجلوبين أو لا يتم التصنيع نهائيًا .

يمكن تلخيص طريقة الوراثة كالتالي :
1) الأب مصاب والأم مصابة يكون الطفل مصاب
2) أحدهما حامل والآخر مصاب يكون الطفل إما حامل أو مصاب
3) الأب حامل والأم حاملة يكون الطفل إما حامل أو مصاب أو سليم
4) أحدهما حامل والآخر سليم يكون الطفل إما حامل أو سليم
لفهم كيفية تكون الثالاسيميا بأنواعها لابد من معرفة أن الهيموجلوبين الطبيعي يتكون من وحدتين من البروتين ( ألفا α , بيتا β ) ومن 4 وحدات من مادة الهيم وهي المسؤولة عن نقل الأكسجين ، كل وحدة من البروتين تنشأ من وجود مجموعة من الجينات الجسدية ، الوحدة α لها 4 جينات والوحدة β لها جينان.

أنواع الثالاسيميا :
1) α ثالاسيميا وهي 4 أنواع كلها تتميز بنقص 1 أو أكثر من الجينات المسؤولة عن α.
2) β ثالاسيميا وهي 3 أنواع تتميز بوجود كامل الجينات المسؤولة عن β ولكن بدرجات من الخلل .

(1) α ثالاسيميا :

النوع الأول : يسمى α ثالاسيميا الصامت وينتج من نقص جين واحد من جينات α ويتميز بعدم وجود أي أعراض او مشاكل صحية تذكر حيث أن معدل تصنيع α يقل بنسبة ضئيلة جدًا فلا يكون لها تأثير ، وبالتالي قد لا يتم اكتشاف هذه الحالة إلا في حالة أن يتم إنجاب طفل مصاب بالثالاسيميا أو حامل لها.

النوع الثاني : يسمى حامل α ثالاسيميا أو α ثالاسيميا المعتدل وينتج من نقص جينين من جينات α وتتميز هذه الحالة بسهولة الخطأ في تشخيصها حيث أنها تشابه في الأعراض ونتائج فحوصات الدم أنيميا نقص الحديد ( يكون حجم كريات الدم الحمراء أصغر من الطبيعي ومعدل الهيموجلوبين منخفض ) إلا أن حامل α ثالاسيميا لا يستجيب لمكملات الحديد .

النوع الثالث : يسمى مرض هيموجلوبين H وينتج من نقص 3 جينات وبالتالي النقص في وحدة α يكون اكبر من النوعين السابقة بكثير فيتم تعويض النقص عن طريقة وحدة β فينتج نوع جديد من الهيموجلوبين يسمى هيموجلوبين H ( يتكون من وحدة α و3 وحدات β ) وهذا النوع يعتبر شاذ وبالتالي يتم تكسير كريات الدم الحمراء المحتوية عليه ، وينتج عن هذا أعراض كثيرة منها أنيميا حادة وارهاق مزمن وتضخم الطحال وتشوهات العظام .

النوع الرابع : يسمى α ثالاسيميا العظمى ( الكبرى ) أو مرض استسقاء الجنين وينتج من نقص كامل لجينات α الأربعة وبالتالي لا تتكون وحدة α في الجنين فيتم تصنيع وحدة جديدة تسمى γ لتعويض النقص فيتكون نوع جديد من الهيموجلوبين يسمى هيموجلوبين بارتس ، عادة الأجنة المصابة بهذا النوع من الثالاسيميا تموت قبل الولادة أو بعدها بفترة قصيرة جدًا وإن تم اكتشاف المرض في الجنين قبل الولادة من الممكن ان يتم إنقاذه عن طريق نقل الدم للجنين في الرحم ومن ثم بعد الولادة يتم النقل بصفة دورية مستمرة مدى الحياة .

(2) β ثالاسيميا :

النوع الأول : يسمى الثالاسيميا الصغرى أو صفة الثالاسيميا وهي تشبه إلى حد كبير النوع الثاني من α ثالاسيميا إلا أن الاختلاف هو في نوع الجين والوحدة المتأثرة .

النوع الثاني : يسمى الثالاسيميا المتوسطة وينتج من خلل في الجينين المسؤولين عن وحدة β بحيث يتم تصنيع نصف الكمية الطبيعية من الوحدة ، ويؤدي ذلك إلى ظهور أعراض شديدة منها الأنيميا الحادة والإرهاق المزمن وتشوهات العظام ، يحتاج المصاب بهذا النوع إلى نقل دم لتحسين نوعية الحياة ( وهذا هو الفارق بينه وبين النوع الثالث من β ثالاسيميا ).

النوع الثالث : يسمى β ثالاسيميا العظمى أو أنيميا كولي وينتج من نقص تام لجينات β مما يؤدي إلى انعدام كامل في تصنيع الوحدة مما يسبب أنيميا حادة مهددة للحياة ، ويحتاج المصاب بهذا النوع إلى نقل دم مستمر للحفاظ على حياته ( وليس لتحسين النوعية كما هو في النوع الثاني ).

أعراض الثالاسيميا :
بحسب النوع والجينات المتأثرة تكون الأعراض .

تشخيص الثالاسيميا :
- يظهر المصاب تضخم في الطحال وارهاق دائم ودوار وشحوب .
- التحاليل المخبرية لعينة الدم تظهر نقص في الهيموجلوبين وانخفاض في عدد كريات الدم الحمراء ونقص حجمها .
- اختبار الفصل الكهربائي للهيموجلوبين ويكشف عن أنواع الهيموجلوبين المتواجدة .
- اختبار خلل الجينات يظهر انواع الثالاسيميا الخفية ( المتواجدة بدون أعراض ).
- تحاليل ما قبل الزواج تكشف عن الثالاسيميا وانواعها كاملة .

العلاج :
- حالات الثالاسيميا العظمى تحتاج نقل دم مستمر وبشكل دوري حتى يتم تزويد المريض بكريات دم حمراء طبيعية لفترة من الزمن .
- بعض حالات الثالاسيميا المتوسطة تحتاج نقل دم دوري لتحسين نوعية الحياة .
- نقل الدم المستمر يسبب حالة تسمى تراكم الحديد حيث أن الحديد الموجود في الكريات الحمراء التي يتم نقلها يتراكم على الأعضاء ( وخاصة القلب والرئتان ) مما يسبب فشل في الأعضاء .
- لمعالجة تراكم الحديد يتم اعطاء المريض مادة ترتبط بالحديد ليتم التخلص من المركب الناتج مع الفضلات ، وهي متوفرة بنوعين إما الحقن ( ديسفيرال ) أو عن طريق الفم ( إيكسجايد ) .
- عملية زراعة النخاع والخلايا الجذعية قد تساعد في علاج بعض المصابين بالثالاسيميا وخاصة الأطفال ولكن مازالت تحت الدراسة .
- الدعم النفسي والمعنوي يلعب دورًا هامًا بالنسبة للمرضى بشكل عام ( قد لا يعتبر علاجًا ولكن كثير من الدراسات أثبتت أن تجاوب المرضى للعلاج يزيد في حال تواجد من يقدر لهم الدعم المستمر ويجدد فيهم الأمل والقوة ).

الوقاية :
- أهم طريقة للوقاية هي فحص ما قبل الزواج والفهم التام لكل أوجه النتائج المترتبة على أي قرار يعزم عليه بعدها حيث أن الثالاسيميا مرض وراثي ينقل من الآباء للأبناء .
- التوعية الصحية في المجتمعات تلعب دورًا كبيرًا في نشر الوعي الصحي بالأمراض عمومًا والأمراض الوراثية خصوصًا .

نقطة أخيرة :
الأمل دائمًا موجود ، مهما ضاقت الحياة ومهما أغلقت الأبواب تظل هناك دائمًا أبواب أخرى وآفاق أوسع تتجدد كل يوم طالما أن الإيمان بالله والثقة به موجودة في قلوبنا .