رسالة إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم


سيدي!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
إن أعلى منزلة شرَّفك بها ربي هو أنه اتخذك حبيبا لنفسه، ونحن أرفع منزلة نلناها هي أن الله جعلنا من أمتك، والحمد لله على هذا الشرف الرفيع..
الحمد لله قبل الحمد..
الحمد لله بعد الحمد..
الحمد لله أولا وآخرا ..
* * *
نحنُ لم نتشرَّف برؤيتك يا رسول الله! ولم يكتب لنا الله أن نكون في حياتك، ونُعدُّ من أصحابك، إنما قدر الله لنا أن نأتي في هذه الدنيا الفانية بعد رحيلك، ولكن يا رسول الله! إننا نتشوق جدا لرؤيتك.. ونتمنى لو أن نراك في أحلامنا، لنروي قلوبنا المتعطشة إلى لقياك.. ونقر أعيننا برؤيتك..
* * *
أعلم يا رسول الله لو كنت بين أظهرنا لغضبت علينا من تصرفاتنا، فنحن قوم ندعي محبتك ولكن لا نقوم بالسنن التي أمرتنا، ولا ننتهي عما نهيتنا عنه، صرنا نتخذ الهوى وليا لنا، يأمرنا وينهانا كيفما شاء، ونحن له عابدون…
ولرغبات النفس مستسلمون…
وفي حياتنا تائهون…
والأدهى والأمرُّ … أننا في حقِّك مقصرون…
فكم من كافر عابث.. استهزأ بك… ونحن صامتون…
وكم من حقير حقّر من شأنك .. ونحن صامتون…
وكم من جاهل.. أتهمك بما ليس فيك..
ونحن صامتون…
سيدي يا رسول الله! علمتنا أن لا نهاب الكفر والكافرين، فالمسلم عزيز في جميع أموره، كريم في أخلاقه وشمائله، ولكن خفنا.. صرنا نرعب من كل صغيرة وكبيرة، تردينا في آبار الغي والضلال… أصبحنا نبحث عن سعادتنا في ما نهيتنا عنه..
وهيهات أن نجد السعادة في ما نهيتنا عنه ..
نحن بذلك عارفون… ولكن نحن يا سيِّدي..
صامتون…
كم نحن جاهلون!!
* * *
أصحابك يا رسول الله كانوا لا يخافون في الله لومة لائم..
أما نحن.. فنخاف أن يلومنا لائم..
صرنا نخاف لو أننا اتبعنا سنتك في أمر ما…
يصفنا الجهلة بالرجعيين..
* * *
يا رسول الله! ماذا أكشف لك وماذا أخبئ عنك؟؟
نحن يا رسول الله لوينا ذراع شرعك، حللنا وحرمنا على هوانا.. أدخلنا فيه الرطب واليابس، ورغم ذلك ندعي أننا مسلمون…
رجال أمتك.. ظلموا النساء…
ونساء أمتك.. ظلمن الرجال…
أمرتنا بغض البصر… عصيناك ..
أمرتنا بحفظ الفروج… عصيناك..
أمرتنا خيرا في جوارحنا.. عصيناك..
نحن يا رسول الله أصبحنا عُصاة ..
ورغم ذلك نؤمل كل خير…
وإن لم يصلنا الخير – والحق – أن لا يصلنا بسبب ذنوبنا..
اشتكينا من الله..
ثم إذا امتحننا الله…
ما تمادينا إلا طغيانا وعصيانا..
وبالنعمِ كفرانا..
* * *
قبل أن نسقط في الجحيم… أدركتنا..
كل طرق الخير.. علَّمتنا..
وجميع طرق الشر حذَّرتنا..
والجنان -إن عملنا الخير- أمّلتنا..
في الدنيا.. زهَّدتنا…
وفي الآخرة رغَّبتنا…
ولكن يا رسول الله!
الهوى ألهانا..
في الظلمات أردانا..
صرنا نتبع الشيطان..
وعصينا الرحمن..
كم نحن ساقطون…
ولإحسانك منكرون..
العفو يا سيد الأولين والآخرين..
العفو يا خير خلق الله أجمعين
* * *
يا رسول الله!
منك نعتذر..
ونكرر الاعتذار..
نحنُ ما بقى في جعبتنا..
إلا الندامة والاعتذار..
عزتنا سلبناها..
كرامتنا قتلناها..
شخصيتنا أحرقناها..
نحن يا رسول الله!
صرنا مزبلة يرمى فيها كل المكدرات الإنسانية…
وُصفنا بالإرهابيين..
خُتِم على هويتنا بالرجعيين..
نحنُ نتبعك يا رسول الله.. وأنت أدرى بنا..
هل نحن إرهابيون؟؟
هل نحن رجعيون؟؟
وما كل هذا إلا لأننا تركناك..
وبحثنا العزة في غير شرعك…
يا رسول الله منك نعتذر..
ونكرر الاعتذار..
* * *
* * *
جئناك يا رسول الله ناكسي الرأس ..
نستسمح منك…
لأننا لم نقم بحق الذود عنك كما يجب..
ونعاهد الله أن نغضب لحقوقك..
نأخذ بالثأر من الحاقدين..
ونثور في وجه المعتدين..
ونبطل كيد الكائدين..
ومكر الماكرين..
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا التوفيق..
* * *

يا رسول الله!
لو نال الكفار منك بأشنع الأقوال..
وأقاموا حول شخصيتك ألف سؤال…
لو كثر فيك القيل والقال..
سيرتك ستبقى الماء الزلال..
وفيك يا رسول الله!!
نعقد الآمال..
تشفع لنا يوم المآل..
يوم لا ينفع البنون..
يوم لا ينفع المال..
اللهم صل وسلم على محمد..
وصل على الصحب والآل..