لفتات رائعة في الظلال حول قوله تعالى

(يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة، فإياي فاعبدون.)
..
إن خالق هذه القلوب، الخبير بمداخلها، العليم بخفاياها، العارف بما يهجس فيها، وما يستكن في حناياها..
إن خالق هذه القلوب ليناديها هذا النداء الحبيب: يا عبادي الذين آمنوا: يناديها هكذا وهو يدعوها إلى الهجرة بدينها، لتحس منذ اللحظة الأولى بحقيقتها. بنسبتها إلى ربها وإضافتها إلى مولاها: «يا عبادي»
..
هذه هي اللمسة الأولى. واللمسة الثانية: «إن أرضي واسعة»
أنتم عبادي. وهذه أرضي. وهي واسعة. فسيحة تسعكم. فما الذي يمسككم في مقامكم الضيق، الذي تفتنون فيه عن دينكم، ولا تملكون أن تعبدوا الله مولاكم؟ غادروا هذا الضيق يا عبادي إلى أرضي الواسعة، ناجين بدينكم، أحرارا في عبادتكم «فإياي فاعبدون» .
إن هاجس الأسى لمفارقة الوطن هو الهاجس الأول الذي يتحرك في النفس التي تدعى للهجرة. ومن هنا يمس قلوبهم بهاتين اللمستين: بالنداء الحبيب القريب: «يا عبادي»
وبالسعة في الأرض: «إن أرضي واسعة»
وما دامت كلها أرض الله، فأحب بقعة منها إذن هي التي يجدون فيها السعة لعبادة الله وحده دون سواه.