بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
ثمرة الجليس الصالح والجليس السوء
أولا ثمرات مجالسة الصالحين 1 إن من جالس الصالحين تشمله بركة مجالسهم ويعمه الخير الحاصل لهم وان لم يعمل عملهم ، قال بعض الحكماء , من جالس خيرا أصابته بركته فجليس أولياء الله لا يشقى وان كان كلبا ككلب أصحاب الكهف 2 ومنها أن المرء مجبول على الاقتداء
أولا
ثمرات مجالسة الصالحين
1 إن من جالس الصالحين تشمله بركة مجالسهم ويعمه الخير الحاصل لهم وان لم يعمل عملهم ، قال بعض الحكماء : من جالس خيرا أصابته بركته فجليس أولياء الله لا يشقى وان كان كلبا ككلب أصحاب الكهف 0
2 ومنها أن المرء مجبول على الاقتداء بجليسه والتأثر بعلمه وعمله وسلوكه ومنهجه قال الرسول صلى الله عليه وسلم : المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل
3 إن جليسك الصالح يبصرك بعيوبك ويدلك على أوجه الضعف عندك قال الحسن رحمه الله :المؤمن مرآة أخيه إن رأى فيه مالا يعجبه سدده وقومه وحاطه وحفظه في السر والعلانية 0
4 انك تتعرف على أخطائك السلوكية وفي أمر العبادة من خلال مقارنة أعمالك بما عليه جليسك 0
5 انك تكف بسبب جليسك الصالح عن المعصية 0
6 انه يرشدك ويدللك على أمور من أمور الخير ينفعك العلم بها 0
7 إن مجالستهم حفظ للوقت الذي هو الحياة وهو الوعاء لكل الأعمال 0
8 إن جليسك الصالح يحفظك في حضرتك وغيبتك فلا يفشي لك سرا ولا ينتهك لك حرمة 0
9 إن المرء بمجرد رؤيته الصالحين والأخيار يذكر الله تعالى ، قال عليه الصلاة والسلام) : أولياء الله تعالى الذين إذا رأوا ذكر الله تعالى ) قال قوس بن عقبة رحمه الله :إني كنت لألقى الأخ من إخواني فلأكون بلقيه عاقلا أياما 0
10 إنهم زين وأنس لك في الرخاء وعدة في البلاء وخير معين لتخفيف همومك وحل مشكلاتك ، خرج بن مسعود رضي الله عنه مرة على أصحابه فقال :انتم جلاء حزني وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : عليك بإخوان الصدق فعش في أكنافهم فإنهم زين في الرخاء وعدة في البلاء
وقال اكثم بن صيفي رحمه الله : لقاء الأحبة مسلاة للهم
11 إن مصاحبتك لأهل الخير سبب في دخولك ضمن الذين لا خوف عليه يوم القيامة ولا هم يحزنون قال تعالى) : الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين * يا عباد لا خوف عليكم ولا انتم تحزنون)
12 انك تنتفع بدعائهم لك بظهر الغيب في حياتك وبعد مماتك قال عليه الصلاة والسلام : دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين و لك بمثل)
13 إن مجالس أهل الخير يهابها شياطين الأنس والجن قال عليه الصلاة والسلام) : عليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية (
14 إن المجالسة والمصادقة والزيارة في الله سبب لمحبة الله تعالى كما في الحديث القدسي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتبادلين في)
15 إن مجالس الصالحين مجالس ذكر الله عز وجل قال صلى الله عليه وسلم :لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة نزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده 0
16 إن المرء بزيارته إخوانه في الله يطيب بنفسه ويطيب ممشاه ويتبوأ منازل عظيمة في الجنة قال صلى الله عليه وسلم : من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا
17 ومن ثمرات مجالسة الصالحين إنها تؤدي إلى محبتهم في الله والحب في الله له ثمرات عظيمة وآثار جليلة على النفوس وقد راتب الله عليه الأجور العظيمة والثواب الجزيل 0
18 والجليس الصالح منفعة للمسلم من كل وجه في دينه ودنياه كما قال عليه الصلاة والسلام : المؤمن إن ماشيته نفعك وان شاورته نفعك وان شاركته نفعك وكل شيء من أمره منفعة
ثانيا
أضرار جليس السوء
جليس السوء مضرة على صاحبه من كل وجه وشؤم عليه في الدنيا والآخرة ومن أضراره :
1 من أضرار جلس السوء انه قد يشكك في معتقداتك الصحيحة ويصرفك عنها .
2 أن جليس السوء يدعو جليسه إلى مماثلته في الوقوع في المحرمات والمنكرات .
3 أن المرء بطبيعته يتأثر بعادات جليسه وأخلاقه وأعماله قال صلى الله عليه وسلم(المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)قد قيل: إياك ومجالسة الشرير فإن طبعك يسرق من طبعه وأنت لا تدري 4 أن رؤيته تذكر بالمعصية سواء كانت ظاهرة عليه أو خفية وكنت تعرف ذلك منه فتخطر المعصية في بال المرء بعد أن كان غافلا أو متشاغلا عنها .
5 أنه يصلك بأناس سيئين يضرك الارتباط بهم وقد يكونون اشد انحرافا وفسادا .
6 أنه يخفي عنك عيوبك ويسترها عنك ويحسن لك خطاياك ويخفف وقع المعصية في قلبك ويهون عليك التقصير في الطاعة .
7 أنك تحرم بسببه من مجالسة الصالحين وأهل الخير لانهماكك معه في الشهوات والملذات ويحذرك من مجالستهم فيفوتك من الخير والصلاح بقدر بعدك عنهم .
8 أن الذي يجالس أهل السوء يقارن أفعاله السيئة بأفعالهم فيستقل سيئاته بجنب سيئاتهم فيكون ذلك سببا في زيادة طغيانه وانحرافه وتقصيره في الأعمال الصالحة وعلى الأقل يصاب بالعجب بما هو عليه والعجب مرض مهلك جليس السوء مضرة على صاحبه من كل وجه وشؤم عليه في الدنيا والآخرة .
9 أن صحبته ومؤاخاته عرضة للزوال عند وجود أدنى خلاف أو تغيير مصلحة بل وتحصل البغضاء بدون ذلك قال عبد الله بن المعتز رحمه الله : إخوان السوء ينصرفون عند النكبة ويقبلون مع النعمة
10 أن مجالس أهل السوء لا تخلو من ا لمحرمات والمعاصي كالغيبة والنميمة والكذب واللعن ونحو ذلك فربما يوافقهم جليسهم فيما هم فيه أو ينكر عليهم لكن لا يفارق مجلسهم فيقع في الإثم .
11 أنها لو دامت مودتهم في الدنيا فإنها سرعان ما تنقشع في الدار الآخرة وتنقلب إلى عداوة وبغضاء قال تعالى : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين )
12 أن غالب مجالس أهل الفسق لا يذكر الله فيها فتكون حسرة وندامة على أصحابها يوم القيامة .
13 أن في مجالستهم تضييعا للوقت الذي سيحاسب العبد على التفريط فيه يوم القيامة .
14 انك به تعرف ويساء بك الظن من اجل صحبتك له .
وختاما قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
وبالجملة فمصاحبة الأشرار مضرة من جميع الوجوه على من صاحبهم وشر على من خالطهم فكم هلك بسببهم أقوام وكم أقادوا أصحابهم إلى المهالك من حيث
يشعرون ومن حيث لا يشعرون ,وقال أبو الأسود الدؤلي رحمه الله ) ما خلق الله خلقا اضر من الصاحب السوء) فعلى العاقل الناصح لنفسه الذي يريد لها النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة أن يتجنب مخالطة هؤلاء ويفر منهم غاية الفرار ولا يتهاون في ذل , هذا وصلوا وسلموا على الهادي البشير النذير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه البررة الكرام وزوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . اللهم اغفري ووالدي ووالديهم وذرياتنا وأحبابنا وأقاربنا وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والميتين .