القادم إلى عاصمة غينيا الاستوائية، لا تخطئ عيناه الغابات التي تغطي أرض المدينة وأن بدت ساحات مترامية الأطراف غير ناعمة بتلك المظاهر الخلابة.

على أرض المطار، طائرتان للخطوط الملكية المغربية شاهدتان على الحضور المغربي القوي في هذه البلاد.



عند الخروج من الطائرة تبدأ رحلة البيروقراطية الأفريقية المعهودة.. رجل بزي مدني يدقق في جوازات سفر القادمين، لقد أمعن النظر في وجهي مرات، لعله شك في أمري، فصورتي في الجواز تختلف قليلاً عن واقعي الآن وقد أجهدني وعثاء السفر وقلة النوم، ثم طلب مني مخاطبي بلباقة الانتظار داخل قاعة الضيوف. داخل القاعة كان الصحفيون الفرنسيون القادمون لتغطية بطولة أمم أفريقيا يسخرون من موظفي الاستقبال ويتنابزون بالألقاب.



بسرعة نودي على حاملي الجواز "الأحمر" وبقيت صحبة نائب رئيس الاتحاد الإيفواري لكرة القدم في القاعة شديدة التكييف، وهذا ربما برهان على قيمتها العالية. في كل مرة اسأل "المضيفين" عن سبب التأخر يقولون لي: لا تقلق سيتم تجاوز الإشكال سريعاً.. ثم مرت ساعتان وشاهدت من المقام، حيث أوجد كيف تسير الأمور ببطء شديد في الأسفل، فهناك كان موظفو الجوازات يعطون أنفسهم قسطاً من الراحة بين كل "قادمين للبلاد" وأخيراً جاء المنادي معلناً خلاصي من الانتظار الطويل. وسأعرف أن صديقي مسؤول الإعلام في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم سليمان حبوبة هو الذي بجهده "تعامى" رجال الأمن عن خطأ في اسمي على لائحة الصحفيين المعتمدين للبطولة. أمر تعودت عليه منذ زمن بعيد، ولكن تلك قصة أخرى.



بحور نفط وتنمية محدودة



غينيا الاستوائية واحدة من أغنى الدول الإفريقية، فباطن أرضها عبارة عن بحور من النفط وفي كل أركانها كنوز أخرى لما يستغل منها النزر. غير أن النظام العسكري الحاكم في البلاد منذ أكثر من ثلاثين سنة لم يجعل التنمية رأس أولوياته وإن أوصلها الحد المقبول ما جعلها جنة بالنسبة للملايين من الأفارقة الحالمين بالثروة ورغد العيش.
في المدة الأخيرة، فرضت الظروف على السلطات في مالابو الانفتاح على العالم، فالبلاد ترأس الاتحاد الإفريقي وتنظم أكبر وأهم تظاهرة رياضية في القارة، إلا أن هذا أبقاها في منأى عن "الكادحين" الأفارقة الذين تفرض عليهم ظروف الحياة في بلدانهم المغامرة بعيداً.



الحياة غالية وهذا دليل مادي على كبر دخل الفرد. غلاء يلاحظه المرء في الفنادق التي عرفت حركة بالبطولة الإفريقية حركة لم تعهدها من قبل.