عن ابن عباس : أنه لم يكن قبيلة من الجن إلا ولهم مقاعد للسمع ، فإذا أنزل الوحي سمعت الملائكة صوتاً كصوت الحديد ، ألقيتها على الصفا ، قال : فإذا سمعت الملائكة خروا سجداً فلم يرفعوا رءوسهم حتى ينزل ، فإذا نزل قال بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم ؟ فإن كان مما يكون في السماء قالوا : الحق وهو العلي الكبير ، وإن كان مما يكون في الأرض من أمر الغيب موت أو شيء مما يكون في الأرض تكلموا به ، فقالوا : يكون كذا وكذا . فيسمعونه الشياطين فينزلونه على أوليائهم .
فلما بُعث محمد دحروا بالنجوم ، فكان أول من علم بها ثقيف فكان ذو الغنم منهم ينطلق إلى غنمه فيذبح كل يوم شاة ، وذو الإبل يذبح كل يوم بعيراً ،
فأسرع الناس في أموالهم فقال بعضهم لبعض : لا تفعلوا ، فإن كان النجوم التي تهتدون بها وإلا فإنه أمر حدث ، فنظروا فإذا النجوم التي يهتدى بها كما هي لم يزل منها شيء ، وصرف الله الجن فسمعوا القرآن
فلما حضروه قالوا : أنصتوا فانطلقت الشياطين إلى إبليس فأخبروه ، فقال : هذا حدث في الأرض ، فائتوني من كل أرض بتربة ! فأتوه بتربة تهامة ، قال : ها هنا الحدث .(أخرجه أبو نعيم في الدلائل ( ص 181،180) )
عن عمار بن ياسر – رضي الله عنه – قال : قاتلت مع رسول الله الإنس والجن ، قلنا : كيف قاتلت الجن ؟ قال : نزلنا مع رسول الله منزلاً فأخذت قربتي ودلوي لأستقي ، فقال لي رسول الله: (( أما إنه سيأتيك آت يمنعك عن الماء )) فلما كنت على رأس البئر إذا رجل أسود ، فقال : لا تستقي اليوم منها ذنوباً واحداً ، فأخذته وأخذني ، فصرعته ، ثم أخذت حجراً ف**رت به أنفه ووجهه ، ثم ملأت قربتي فأتيت بها رسول الله فقال : (( هل أتاك على الماء من أحد ؟ )) فأخبرته قال : (( ذاك الشيطان )) .
عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال : قام رسول الله يصلي ، فسمعناه يقول : (( أعوذ بالله منك )) ثلاث مرات ، ثم قال : (( ألعنك بلعنة الله التامة )) ثلاثاً وبسط يده كأنه يتناول شيئاً ، فلما فرغ من الصلاة ، قلنا : يا رسول الله ، قد سمعناك تقول في الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك ، فقال : (( إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ، ليجعله في وجهي ، فقلت : أعوذ بالله منك ثلاث مرات ، ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة ، فلم يستأخر ثلاث مرات ، ثم أردت أخذه ، والله ! لولا دعوة أخينا سليمان ، لأصبح موثقاً ( أي مقيداً ) يلعب به ولدان أهل المدينة ))
قال رجل لعبد الرحمن بن خنيس : حدثنا كيف صنع النبي حين كادته الشياطين ، فقال عبد الرحمن : إن الشياطين تحدرت على رسول الله من الجبال والأودية ، معهم شيطان معه شعلة من نار ، يريد أن يحرق رسول الله بها ، فلما رآهم رسول الله فزع منهم ، فأتاه جبريل – عليه الســلام – فقال : يا محمد ، قل .قال : (( وما أقول ، قال : قل : أعوذ بكلمات الله التامات ، اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر ، من شر ما خلق وبرأ وذرأ ، ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما يلج في الأرض ، ومن شر ما يخرج منها ، ومن شر فتن الليل والنهار ، وشر الطوارق ، إلا طارق يطرق بخير يا رحمن )) قال : (( فطفئت نار الشياطين ، وهزمهم الله عز وجل )) .
عن ابن عمر قال : كنا جلوس عند رسول الله فجاء رجل من أقبح الناس وجهاً وأقبحهم ثياباً ، وأنتن الناس ريحاً ، جلق جاف يتخطى رقاب الناس ، حتى جلس بين يدي رسول الله فقال : من خلقك ؟ فقال رسول الله: (( الله )) ، قال : من خلق السماء ؟ قال : (( الله )) . قال من خلق الأرض ؟ قال : (( الله )) قال : من خلق الله ؟ فقال رسول الله : (( سبحان الله )) وأمسك بجبهته وطأطأ رأسه ، وقام الرجل فذهب ، فرفع رسول الله رأسه فقــــال : (( عليّ بالرجل )) فطلبناه فكأن لم يكن . فقال رسول الله: (( هذا إبليس جاء يشككم في دينكم))
وهذا الحديث له رواية أخرى فيها معجزة أخرى فقد روى الطبراني عن قتادة .. ومما جاء في هذه الرواية : فأعطاني العرجون ، فقال : (( إن الشيطان قد خلفك في أهلك ، فأذهب بهذا العرجون ، فأمسك به حتى تأتي بيتك ، فخذه من زاوية البيت ، فاضربه بالعرجون )) ، فخرجت من المسجد ، فأضاء العرجون مثل الشمعة نوراً ، فاستضأت به ، فأتيت أهلي ، فوجدتهم قد رقدوا فنظرت في الزاوية فإذا فيها قنفذ فلم أزل اضربه بالعرجون حتى خرج .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما بعث رسول الله أصبح كل صنم من**اً ، فأتت الشياطين إبليس فقالت له : ما على الأرض من صنم إلا وقد أصبح من**اً ، قال : هذا نبي قد بعث ، فالتمسوه في قرى الأرياف ! فالتمسوه فقالوا : لم نجده ، قال : أنا صاحبه فخرج يلتمسه فنودي : عليك بحبة القلب – يعني مكة – فالتمسه بها ، فوجده عند قرن الثعالب ، فخرج إلى الشياطين فقال : قد وجدته معه جبرائيل – عليه السلام – فما عندكم ؟ قالوا : نزين الشهوات في أعين أصحابه ونحببها إليهم ، قال : فلا شيء إذاً