كانت الازمة تلوح في الافق قبل بيان الفدرالي الامريكي الاخير الشهر الماضي ، وكانت الرهانات مرتفعة في الاسواق حول حتمية قيام المركزي الامريكي بتخفيض وتيرة مشترياته من السندات ضمن برنامج التيسير وبما يقارب ال10 مليارات دولار ليصبح المبلغ 75 مليار دولار شهريا بدلا من من 85 مليار .

الفدرالي يومها خيب الامال وقضى على تلك الرهانات وكانت الاسباب التي اوردها في بيانه غير مقنعة ساعتها حيث كان الاقتصاد الامريكي يسجل افضل النتائج بأسواق العمل ويؤشر لمزيد من الانخفاض بمستويات البطالة وبكلمة برنانكي رئيس الفدرالي الامريكي ورد السبب الحقيقي لتأجيل البت بتخفيض برنامج التيسير الكمي حيث قال برنانكي بأنه يجب ايجاد الحلول وإنهاء حالة الاحتقان بشان الميزانية وسقف الدين قبل اتخاذ الفدرالي لقرارات جديدة وان عدم التوصل لحل لهذه الازمة احد الاسباب التي منعة الفدرالي الامريكي من اتخاذ القرار المنتظر.

وبعد قرار الفدرالي الشهر الماضي دخلت ازمة الميزانية وسقف الدين الامريكي بفصل جديد نتيجة الاختلافات الحادة ما بين الساسة الامريكان وعمليات الابتزاز التي تعرض لها اوباما من خصومة حيث تحول الخلاف حول الميزانية الى لعبة سياسية هدفها برنامج التامين الصحي المعروف باسم اوباما كير ، ووصلت مطالبات الجمهوريين بإلغاء البرنامج كاملا مقابل الموافقة على اقرار الميزانية وتمرير قانون رفع سقف الدين الاميركي .

ثم دخلنا بعد ذلك بمرحلة التعطل للمؤسسات الفدرالية الامريكية لمدت ستة عشر يوما قبل ان يتم التوصل لقرار مؤقت يقتضي برفع سقف دين وعودت الحياة الاقتصادية لمدة محدودة تصل لبداية العام القادم على ان يتم التفاوض خلال هذه الفترة على امل الوصول لقرارات نهائية وحل شامل بنهي هذه المعضلة .

وهنا ينبغي التطرق لعلاقة الفدرالي الامريكي بأزمة سقف الدين بعيدا عن البيانات الاقتصادية التي تم تأجيل صدورها او الاثار السلبية المؤثرة بقرارات الفدرالي ودورها بتأجيل اتخاذ قراره بتخفيض قيمة برنامج التيسير الكمي .
فقد كان من بين سيناريوهات الحلول المقترحة بحال لم يتوصل الساسة الامريكان الى قرار رفع سقف الدين الامريكي ان يقوم الفدرالي بدفع الفوائد والمستحقات على السندات والديون الامريكية ضمن ترتيبات معينة ، وهذا الاجراء يتطلب توفير السيولة ويتناقض مع عمليات الخفض لبرنامج التيسير الكمي .

ضمن هذه المعطيات بالإضافة الى خيبته الامال بنتائج البيانات الاقتصادية الاخيرة ، وبالخصوص بيانات سوق العمل. اضف اليها بيانات الوظائف القادمة والتي ستعبر عن الفترة التي كانت فيها الحكومة الفدرالية بتعطل شبة كامل لمدت نص شهر بدون ان يتم خلاله اضافة وضيفة واحدة ، فان لا احد يراهن على ان يحمل بيان الفدرالي بهذا اليوم اي تعديل على سياساته المالية والتفاؤل الوحيد بان يحمل بيان اليوم اشارات الى شهر مارس القادم كموعد جديد للتعديل على السياسات النقدية لا الى انهائها .

ونصل للسؤال الهام الان : هل باستطاعة الفدرالي اتخاذ قرار التعديل اليوم على الرغم من كل ما تم توضيحه ؟!
بكل بساطة نعم باستطاعة الفدرالي الامريكي اتخاذ القرار المنتظر ، وأكثر من ذلك فان على الفدرالي تدارك الخطاء الجسيم التي ارتكبه في الشهر الماضي والإعلان عن خطة التعديل للحفاظ على المعادلة الامريكية واستقلالية الفدرالي بعيدا عن لعبة الساسة الامريكان وألعابهم .
فالفدرالي الامريكي ارتكب اكبر الاخطاء حين ربط قراره الاخير بحل ازمة سقف الدين والمفاوضات ما بين الساسة الامريكيين ووضع نفسه بالواجهة بحال الوصول للتخلف عن السداد وهو ما صعب من مفاوضات اوبما مع خصومة .

مبررات اتخاذ القرار الاقتصادية : الاعتماد على النتائج السنوية للبيانات الاقتصادية والتي تعتبر ممتازة على الرغم من تراجعات الفترة الاخيرة ، فالوظائف كنتيجة سنوية تعتبر الافضل منذ سنين ونسبة البطالة 7.2 اضافة لنسبة نمو قد تكون قرب 3% .
من ناحية اخرى اتخاذ قرار التعديل بهذا الشهر سيشكل عامل ضغط ايجابي على الساسة الامريكيين ناحية الجدية بمفاوضاتهم القادمة بالتوصل للقرار النهائي حول سقف الدين والميزانية .

خلافنا بسيط مع الاراء السائدة في الاسواق فعلى الرغم من قوة الصورة التي تظهر بان لا جديد ولا تعديل ما سيحمله بيان الفدرالي ,إلا اننا نترك المجال مفتوحا لمفاجئة ما قد تحدث وهو ما يجعنا نرفض اتخاذ مراكز في الاسواق بتداولات اليوم بناء على التوقعات وإنما نفضل ان تكون بناء على محتويات البيان وبعد الانتهاء من ردت الاسواق الاولية عليه.
منقول