باغت البرد عددا من المحافظات اليمنية، مبكرا هذا العام، إلا أنه فى بلد مثل اليمن، منازله غير مجهزه بتدفئة كهربائية أو حتى يدوية، يحضر العسل اليمنى، كسلاح رئيسى لمواجهة ضربات الصقيع.

ورغم أسعاره الباهظة، إلا أن غالبية الأسر اليمنية تحرص على تواجد العسل فى منازلها، وتقوم بادخاره منذ فصل الصيف، الذى يشهد انخفاضاً لأسعار العسل اليمنى فى السوق المحلي، وذلك بسبب سقوط الأمطار الغزيرة، الأمر الذى يؤدى إلى نمو الإنتاج لطوائف النحل اليمنية.

وانخفضت درجة الحرارة فى العاصمة صنعاء، خلال الأيام الفائتة إلى 13 درجة مئوية فى ساعات المساء والصباح الباكر، مصحوبة برياح باردة جافة، لا يعتاد الناس هبوبها سوى فى أشهر نوفمبر، وديسمبر، ويناير، ما يوحى أن فصل الشتاء بدأ مبكرا هذا العام.

وبدأ الناس فى المحافظات اليمنية الباردة، وخصوصاً العاصمة صنعاء، اتخاذ الاحتياطات اللازمة، لوقاية الأطفال وكبار السن من نزلات البرد التى يمكن أن يُصابوا بها، وتدشين الطقوس الخاصة بفصل الشتاء، وفى مقدمتها مشروب الزنجبيل الساخن بالعسل.

ويقول محمد الأشول، من سكان مدينة ذمار، أكثر مدن اليمن برودة فى الشتاء: "لكل فصل طقوس وترتيبات خاصة، والعسل المخلوط مع الزنجبيل مشروب مناعى يحفظ الجسم ساخناً ويطرد البرد".

ويضيف فى حديث لمراسل الأناضول "ليس بمقدور المواطن اليمنى البسيط توفير العسل يومياً لأطفاله، لكنه يضطر إلى التفكير بكمية الأدوية التى سيقوم بشرائها، فيجد أن سعر العسل أرخص من الأدوية، ويقى من أمراض مختلفة، البرد على رأسها، فيفضل شراءه".

ويعد مغلى الزنجبيل المخلوط بالعسل المشروب الشتوى الأبرز للرجال فى جميع المناطق اليمنية ذات المرتفعات الجبلية والباردة، نظراً للطاقة التى يمنحها للجسم، فيما ينتشر الحليب الدافئ مخلوطا بالعسل بين النساء والأطفال وكبار السن.

ويؤكد أطباء، أن العسل اليمنى علاج فعّال للالتهابات الرئوية، وأمراض الجهاز التنفسى، ونزلات البرد، والسل الرئوى، وغيرها.

وفى مدينة تعز اليمنية , يحتفظ أحد بائعى العسل فى شارع جمال عبد الناصر، بمجلة طبية معروضة للزبائن تشرح فوائد العسل فى فصل الشتاء، يعلن فيها ويليام بيترسون أخصائى أمراض الحساسية بجامعة (أيوا) الأمريكية أنه قام بمعالجة (22) ألفَ مريضٍ بالحساسية بمقدار ملعقة يوميًّا من عسل النحل الخام، وأكد العسل فاعليته فى (90%) من الحالات، بحسب ما جاء فى المجلة.

الحاج أحمد يحيى، عجوز يمنى، يتحدث عن فوائد العسل قائلا "العسل رفيقى فى كل الفصول والسنوات، وعلاج لأمراض لا يستطيع الطب الحديث وقايتنا منها، فالأنفلونزا تقتل عشرات البشر فى بلدان متقدمة، أما نحن فنواجهها بالعسل".

ويشرح فى سياق حديثه "إذا كنت تعانى من التهاب الغشاء المخاطى، أو الجهاز العلوى التنفسى بشكل كامل، فما عليك سوى استنشاق، العسل المخلوط بالمياة الدافئة لمدة دقائق، وشرب العسل المخلوط بالزنجبيل، وستشاهد الفرق".

ويؤكد خبراء النحل وأطباء متخصصون، أنه ليس كل أنواع العسل اليمنى مفيدة لمواجهة البرد، ووقاية الجسم من نزلات الزكام، وإنما أنواع محددة على رأسها "عسل السُمر"، ويطلق عليه أيضا اسم "الطلح".

وعسل "السُمر" يستخرج من أشجار شوكية، تدعى شجر الـ"طلح"، تنتشر بكثافة فى كل أنحاء اليمن، وخصوصا فى محافظة حضرموت الجنوبية، وبعض المناطق الجبلية فى شمال البلد، مثل محافظات؛ آب، وذمار، وصنعاء، وتعز.

وعلاوة على فوائده فى مواجهة أمراض البرد، يمتاز هذا النوع من العسل اليمني، بفوائد كثيرة لمرضى السكرى، كونه يخلو تماماً من السكر، ويحتوى على أنسولين نباتى، ينشط فى البنكرياس ويتحول إلى أنسولين بشرى، يخفض معدل السكر فى الدم، بحسب متخصصين.

ويمتاز "عسل السُمر" بمذاقه الحار ولزوجته المتوسطة، وهو ذو لون أحمر يميل إلى السواد، وتزهر أشجاره فى شهر أبريل من كل عام.