يعتبر علاج الأورام الخبيثة للعظام من التحديات الشديدة التى يواجهها جراحو أورام العظام وأطباء الأورام، وقد كان العلاج الوحيد المتاح لعلاج أورام العظام الخبيثة الأولية قبل عام 1970 هو العلاج الجراحى المتمثل فى البتر.

يقول الدكتور محمد عبد الرحمن مصطفى أستاذ جراحة العظام واستشارى جراحة أورام العظام بطب عين شمس لقد حدث تطور شديد وسريع فى طرق علاج أورام العظام الخبيثة، فى العقود الثلاثة الأخيرة وزاد الاتجاه نحو إجراء عمليات للمحافظة على الأطراف، إلى أن وصلنا إلى إجراء عمليات محافظة على الأطراف لنحو 70 – 80% من إصابات الأورام الخبيثة الأولية للعظام فى الوقت الحالى.

كان هذا التطور الشديد هو نتيجة مباشرة للتطور الذى حدث فى مجالين. المجال الأول هو مجال التشخيص بالأشعة حيث أصبح هناك وسائل وأجهزة حديثة للتشخيص مثل الأشعة المقطعية والأشعة بالرنين المغناطيسى والتى مكنت الجراحين من تحديد مدى انتشار الورم بدقة فى العظام والأنسجة المحيطة بها. المجال الثانى الذى أسهم تطوره فى تطور جراحة المحافظة على الأطراف هو مجال العلاج المساعد والذى يشمل العلاج الكيماوى والعلاج الإشعاعى.

يقول إن التطور فى وسائل العلاج الكيماوى بالتحديد وكذلك التطور فى مجال التشخيص بالأشعة مكن الجراحين من القيام بعمليات محافظة على أطراف المرضى المصابين بأورام العظام الخبيثة الأولية فالعلاج الكيماوى المؤثر أدى إلى طول مدى حياة المريض المصاب بالورم بعد استئصاله خاصة فى مجالات السار كوما العظمية (أوستيوساركوما) كما ساعد تأثير العلاج الكيماوى على تقليل كمية العظام المستأصلة أثناء الجراحة.

كان من المعروف أن محاولة الحفاظ على الطرف فى المرضى المصابين بالأورام الخبيثة بالعظام تحمل معها خطراً هو زيادة نسبة الارتجاع الموضعى للورم وكذلك زيادة مدى انتشاره ولكن بعد عمل عدة دراسات مقارنة بين عمليات البتر وعمليات المحافظة على الأطراف وجد أنه يمكن الوصول إلى مدى حياة للمريض وكذلك نسبة ارتجاع موضعى للورم متساوية بين عمليات البتر والمحافظة على الطرف وبذلك تصبح عمليات المحافظة على الطرف هى الأفضل من الجانب الوظيفى والجانب النفسى للمريض.

تشمل عملية المحافظة على الطرف ثلاث مراحل، المرحلة الأولى وهى استئصال الورم بحد أمان، المرحلة الثانية هى إعادة تكوين الجزء المستأصل باستخدام وسائل عديدة منها استخدام المفاصل الصناعية ذات الطبيعة الخاصة وكذلك استخدام طرق إعادة التكوين الحيوى مثل عمليات الترقيع العظمى من الشخص نفسه (ذاتي) أو من شخص أخر (بنك العظام) أو باستخدام أجهزة الإطالة مثل جهاز اليزاروف أو إعادة تدوير العظام ومعالجتها بالحرارة أو التبريد أو الإشعاع لقتل خلايا الورم ثم أعادة تثبيتها فى ذات المكان والمرحلة الثالثة هى توفير التغطية الجيدة للجزء المعاد تكوينه باستخدام الرقع العضلية والجلدية.

خيارات أعادة البناء "التشكيل والتعويض بعد استئصال الأورام الخبيثة"
يشير الدكتور محمد عبد الرحمن لقد أتيحت عدة خيارات حاليا لهؤلاء المرضى، تتضمن سمكرة وتثبيت المفاصل،والترقيع العظمى المفصلى من المريض أو من عظام متبرع، أو استبدال المفصل بمفصل صناعى ذو مواصفات خاصة لاستبدال المكان الذى تم استئصاله مكان الأورام ،وإعادة تشكيل وتطويل العظام عن طريق استخدام أجهزة إطالة الأطراف كاستخدام جهاز الإليزاروف.

فسمكرة وتثبيت المفاصل بعد استئصال الأورام تتيح العودة سريعا للوظائف اليومية بعد العملية حيث أنها تتيح ثباتا للطرف كما يكون ألم ما بعد العملية مهملا. لكن هذه الطريقة تؤدى إلى التضحية بمدى الحركة كما يزيد معها معدل الكسور والالتهابات.
إطالة الأطراف بالإليزاروف تتيح تعويض فراغات عظمية كبيرة الحجم بعد الاستئصال الواسع للأورام، ولكنها تتطلب وقتا طويلا حتى يحدث التئام تام وكامل للعظام كما أنها تنتهى غالبا بسمكرة المفاصل.

إعادة تكوين المفاصل باستخدام الترقيع العظمى المفصلى من الغير قليل التطبيق نظرا لقلة المصادر وقلة بنوك العظام.
إعادة تكوين المفاصل فى حالة الأورام كبيرة الحجم أفضل من سمكرة المفاصل نظرا لأنها تتيح مدى حركة الطرف كما تسمح بإعادة التأهيل سريعا بعد العملية. لكن العمر الافتراضى لهذه النوعية من المفاصل ما زال عائقا وكذلك ارتفاع تكلفتها.

ويقول يعد الترقيع العظمى الذاتى (بعد إعادة التدوير والمعالجة الخارجية) هو البديل الواعد فى العلاج الجراحى لأورام العظام والذى يتضمن إعادة زرع الجزء العظمى المستأصل (الترقيع الذاتي) بعد إزالة الحيوية منه خارج الجسم عن طريق التسخين (البخار المضغوط أو البسترة أو الحرارة المفرطة الناتجة عن استخدام الموجات الميكروية)، أو التجميد باستخدام غاز النيتروجين السائل أو التشعيع لإزالة الحيوية من الأجزاء المصابة بالورم.

إن إعادة تكوين العظام باستخدام الترقيع الذاتى المعاد تدويره بعد استئصال أورام العظام بحدود أمان واسعة يعتقد أن نتائجه أفضل فى الوقاية من الانتكاسة الموضعية للورم والمحافظة على وظائف كل الأطراف أثناء حياة المريض.