إن خيرى شلبى ليس مجرد أحد أوتاد خيمة الرواية والقصة القصيرة فى مصر، بل هو أقواها، سنتان مضتا منذ أن انطفأت شمعة الوتد برياح الموت، وهوى عن شجرة الأدب، تاركاً أعماله وروائعه، ذهب إلى عنان السماء وهو يحمل بين طيات قلبه الهموم المصرية تاركًا لنا ألفاظه العذبة وتعبيراته الشيقة وفكره المستنير من بين صفحات رواياته، والتى مازالت تنشر حتى اليوم، لم يكن خيرى شلبى، مجرد أديب بل كان أيقونة مصرية للأدب العربى، يصور المشهد وكأنه واقع يرسم الشخصيات وكأنك تراها بل وتتعايش معها، فالوتد ليس ذكرى لماض بل هو توثيق لتأريخ الحقبة السياسية فى مصر عن طريق رواياته وانشغاله الدائم بالحقيقة من حيث الزمن والمكان وتصور حياة الإنسان البسيط.

خيرى شلبى (الحاضر الغائب دائما) عمدة القص والسرد الروائى شيخ أدباء الأرصفة والحارات رائد الفانتازيا التاريخية في الرواية العربية الحديثة المعاصرة حكواتى المهمشين يرسم الملامح والوجوه بألفاظه من وحى الفقراء المكدوحين الكادحين المسحوقين بهموم الدنيا، رائد فن البورتريه يرسم فيه ملامح الشخصية بأسلوب أدبى ساخر شفاف.

بساطة خيرى شلبى جعلته مولع بالمهمشين عاش بين الفقراء عايشهم رسم أوجاعهم وطموحاتهم البسيطة، التصق بقضايا المسحوقين حارب بقلمه قضايا الاستبداد، خلف وراءه سبعين بنتًا لكل منها أفكارها التى جسدها بين القصة والرواية، ورصد من خلال روايته وقصصه واقع وحقيقة المجتمع المصرى.

يرسم الأدب بأسلوب سرد مشوق يجبرك على القراءة وإن كنت من غير محبيها لا يشعرك بالملل لتمكنه من لغة الشارع وإفطار المهمشين، أفضل من جسد شخصيات الشوارع الشعبية والأزقة، وتحسس واقع الفلاح وأبحر فى أعماق شخصيته، وأفضل من كتب عن القرية المصرية عن واقعها وأفراحها وأحزانها، تشكل وفاته خسارة عظيمة وجسيمة للحركة الروائية والقصصية المصرية والعربية.

خيرى شلبى دنيا مزدحمة بالطوائف المصرية من المتشردين إلى المسحوقين حتى المطاردين والعاطلين واللصوص والنصابين حتى العمال وأصحاب الحرف لهم من قلمه نصيب ذكر منهم الحانوتية والتٌربية، والقهوجية، والعربجية والمكوجية والتمرجية.

عالج الفتنة الطائفية بأدبه عن طريق رواية أسطاسية آخر أعماله وكأنه يعيش معنا الآن.