تنتشر معتقدات خاطئة بين المرضى حول ضرورة استخدام المضادات الحيوية وحول قدراتها بالقضاء على العديد من الالتهابات. الدكتور رامي شيبي يجيب على 5 معتقدات خاطئة حول المضادات الحيوية. كل الأسئلة وكل الأجوبة

منذ بداية تصنيع المضادات الحيوية وتركيبها كيميائيًا في القرن الماضي، بدأت تكتسب صبغة علاجية "سحرية"، وانتشر استخدامها بين الناس وذلك لقوة تأثيرها وفاعليتها. لكن رافق ذلك بعض الأعراض الجانبية، وهي الأفكار والمعتقدات الخاطئة عن هذه العقاقير.

سنحاول في ما يلي الاجابة على بعض المعتقدات الخاطئة والشائعة حول استعمال المضادات الحيوية:

1. دكتور، صف لي مضاداً حيوياً لأنني أشعر بأعراض الإلتهابات
وأريد أن أقضي على المرض قبل استفحاله.

كثيراً ما يحتدم النقاش بين الطبيب والمريض بخصوص الحاجة للعلاج بالمضادات الحيوية، إذ لا يلجأ الأطباء للمضادات الحيوية إلا في حالة وجود التهاب جرثومي "بكتيريا". نوع الإلتهاب يتم تحديده غالباً استناداً لأعراض المريض ، ونادرًا ما تلزم التحاليل والصور الإشعاعية.

لكن، من جهة المرضى فإن المعتقد السائد مفاده أن الوقاية خير من قنطار علاج، ولذلك يصرون على العلاج بالمضادات الحيوية في كل عرض ينُمّ عن عدوى كالسعال والرشح أو الحرقة في البول، خصوصاً لدى النساء، وذلك منعاً لتفاقم المرض والحد من انتشاره بين أفراد العائلة.

الوقاية خير من قنطار علاج قد تكون الجملة الأصح في تاريخ الطب، ولكن حين يكون العلاج مُستحقًا ومُفيدًا وبالشكل الصحيح.
فمن المعلوم بأنّ الغالبية العظمى من الإلتهابات عن طريق العدوى تسببها الفيروسات وخاصة السعّال والرشح، وهي المسبب الرئيس لارتفاع درجة حرارة الجسم وخاصة لدى الأطفال. في هذه الحالات العلاج بالمضادات الحيوية لن يكون وقائياً لأنه ببساطة: العلاج الخطأ، فهو مضاد للبكتيريا ولكن ليس للفيروسات. علاوة على أن كثرة استخدامه تساهم في زيادة نسبة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية الموجودة حالياً.

2. سأوقف العلاج بالمضادات الحيوية لأنني أشعر بالتحسن.
كثير من المرضى يحرصون على تناول المضادات الحيوية في بداية المرض ولكنهم ما أن يشعروا بالتحسن بعد عدة أيام حتى يوقفوا العلاج ظنًا منهم أنّهم شُفوا تمامًا.

لا بد هنا من التنويه إلى أن المدة المحددة للعلاج بالمضادات الحيوية هي مدة محددة وملائمة لنوع البكتيريا والإلتهاب. وعلى المريض أن يكمل العلاج حتى بعد الشعور بالتحسن وذلك لأن الشعور بالتحسن لا يعني بأن البكتيريا قد تم القضاء عليها بالكامل. لهذا قد تبقى العديد منها في الجسم مما يؤدي لرجوع الإلتهاب أو لزيادة مناعة هذه البكتيريا للمضادات الحيوية.

3. دكتور، عندي حساسية لهذا الصنف من المضادات الحيوية لأنها سببت لي إسهالًا وألامًا في البطن سابقاً.
هل هذه حقًا حساسية؟

يخلط الكثير من الناس بين الحساسية وبين الأعراض الجانبية للأدوية.

فما هي الحساسية؟ وكيف نميزها عن الأعراض الجانبية؟

الحساسية هي نوع من ردة الفعل مصدرها الجهاز المناعي، حيث يقوم هذا الجهاز بمهاجمة أجسام غريبة عن الجسم "كالأدوية" ظناً منه أنها من مسببات العدوى. خلال هذه العملية تظهر الأعراض التالية:
1. طفح جلدي
2. حكة
3. شعور بالدوران والتعب
4. صعوبة في النفس "في حال كانت ردة الفعل قوية" في حالة وجود حساسية لفصيلة معينة من الأدوية يُمنع تناولها، وذلك خوفًا من تطور ردة فعل حساسية قوية قد تصل حد الإختناق.
خلافًا لذٰلك فإن الأعراض الجانبية كأوجاع المعدة أو بعض حالات الإسهال يمكن علاجها دون اللجوء لإيقاف العلاج أو منع تناول أحد أنواعه مستقبلًا.

4. دكتور، صف لي مضاداً حيوياً قوياً جداً كي ننتهي من المرض بسرعة!

خلافاً لما هو سائد عند البعض فإن"قوة" المضاد الحيوي لا تعني القضاء على البكتيريا بشكل أسرع.

المقصود بالمضادات الحيوية "القوية" إن صح هذا التعبير، هو الأنواع التي من شأنها القضاء على عدد أكبر من أنواع البكتيريا، أو تلك التي تستطيع القضاء على بعض فصائل البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية المنتشرة.

ولذلك فإن الإفراط من استخدام هذه الأنواع لا يؤدي لتقصير فترة المرض، وإنما سيؤدي لنتائج مشابهة للمضادات "العادية". مع الفارق بأن أعراضها الجانبية ستكون أكبر وذلك بسبب قضائها على الكثير من الجراثيم الحميدة الموجودة بشكل دائم في وعلى أجسامنا.

وسيبقى البنسلين علاجاً ممتازاً وكافياً لالتهاب الحلق واللوزتين، وسيفي بالغرض كالأوجمنتين وغيره ولكن مع الفارق بقلة أعراضه الجانبية.

5. دكتور، صف لي مضاداً حيوياً لأني أُعاني من أوجاعٍ "التهابات" في الأسنان!
ليست كل أوجاع اللثة والأسنان نابعة عن الإلتهابات المستوجبة علاجاً بالمضادات الحيوية. في بعض الأحيان بإمكان طبيب العائلة التعرف على مصدر الوجع وتشخيصه كبعض التهابات اللثة، وأمراض جوف الفم، والأمراض التي تسبب أوجاعاً في الأسنان لقربها من منطقة الفم كأمراض الأذنين وتجاويف الوجه وحتى أمراض القلب.

لذلك، لا بد من إجراء فحص جسماني لدى طبيب العائلة وطبيب الأسنان ليتم تشخيص السبب قبل الشروع بالعلاج.