بسم الله الرحمن الرحيم


وقفـة تأمــل في محطات الحيـاة !.!!!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
كم من القوافل نزلت في تلك الواحـات ثم رحلت .. وكل قافلة عند ورودها تظن أنها الرائدة في دخول تلك الجنة الحالمة .. ثم ترتحل القوافل والواحات باقيـة .. واحة الطفولة وواحة الصبا وواحة الشباب وواحة الرجولة وواحة الكهولة .. كلها واحات تمثل المحطات في مسار الحياة .. الوارد إليها يحط الرحال والظن منه ليبقى .. والذي كان فيها يعد العدة ليرتحل .. ولو تكلم الراحل للقادم عن أسرار تلك الواحة أو المحطة لا تستمع له الآذان برغبة صاغية .. ولكن الكل يجاري فطرة السنة كما يرى بأسلوبه الذي يتمنى .. ولا تطيب الرؤية والسيرة إلا مع سـربه الذي يمثل جيـله .. حيث تتوافق بالفطرة أمزجة الجيل الواحـد .. وتتنافر مع أمـزجة الأجيال الأخرى .. وتـلك سنة الله في شئون خلقه ولا تبديل لسنة الله .. فمن العجيب أن أمزجة الأجيال المختلفة لا تتوافق بنفس الكيفية .. فلكل جيل أسلوبه ومزاجه في مسالك الحياة .. وعادة كل جيل يمدح حاضره ويمدح أسلوبه منفرداَ .. وذلك المدح فقط من قبيل الإدعاء والتفاخر .. إنما لكل جيل سمات المحاسن وسمات العيوب .. وأهل المحطة الواحدة هم اقرب الناس مفاهمة للبعض .. وكلما تباعدت فروق السنوات بين المحطات كلما كان الاختلاف كبيراَ في تقارب الأمزجة .. فمجالس الشيوخ لا تروق كثيراَ للأطفال أو الشباب .. ومجالس الشباب لا تروق كثيراَ للشيوخ والكهول .. وهكـذا مجمع الأطفال لا تحبذه كثيراَ الأجيال الأكبر سناَ .. وقد تفرض الظروف نوعاَ من الالتقاء في بعض الأحيان ولكن ذلك اللقاء عادة َيكون من قبيل المجاملة المقرونة بالرؤية المؤقتة .. وحيث تكون اللحظات مملة للفئات المختلطة في بعض الحالات .. وكل جيل في دواخله يعجل الإنهاء لينفرد مع سربه .. ومن أصعب وأهـلك المحطات أن ينفرد أحد من أهل جيل دون سواه .. بسبب رحيل الكل بالموت أو بسبب الإنفراد في بقعة نائية .. فذلك الإنسان عادة يعيش لحظات حسرة قاتلة في داخله .. ويتمنى صادقاَ الرحيل من الدنيا .. حيث يكون في وحدة دون قرين أو شريك يرى نفس الرؤية .. أو يحكي معه نفس السيرة .. فالنكتة التي كانت تضحك جيله لا تضحك الآخرين .. وكلمات الأنس التي كانت تنشرح له نفوس سربه تصبح ممجوجة لا تطيقها الآخرون .. فإذن هو ذلك الإنسان المتطفل في ساحة الآخرين .. فلذلك نرى الأجيال المتقاربة ترتاح لبعضها البعض .. وكلما تناقص أفراد السرب الواحد كلما اشتد العروة بين أفراد البقية الباقية .. والمصير في النهاية أن تتلاشى كل أفراد الجيل الواحد تماماَ ليأتي الدور في تصفية الأجيال اللاحقة المتلاحقة .. وفي يوم واحد وفي ساعة واحدة وفي دقيقة واحدة يـولد خلق من خلق الله ويموت خلق من خلق الله .. القادمون قد جاء دورهم والراحلون قد انتهى دورهم .. ودواليب الحياة دائرة إلى أن يشاء الله .. وسبحان الله العظيم .

ـــــــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد