تمرد المراهقات

من الملاحظات الشائعة أن كثيرًا من الأمهات يتعاملن مع بناتهن بأسلوب محدد يتكرر فيه النقد واللوم وتطالب فيه الابنة باتباع طرق محددة في السلوك والتفكير ..دون مراعاة لشخصية الابنة وميولها وطموحاتها ورغبات

ها الخاصة بها .. وتكثر إحباطات الابنة وغضبها وقلقها .. وفي كثير من الأحيان تستسلم وتتكرر في أساليبها وتصرفاتها ملامح من أمها .. ولو أنها غير راضية عن ذلك .
وفي حالات أخرى يحدث التمرد والعصيان والصراع مع سلطة الأم مما يؤدي إلى مشكلات متنوعة . ومما لا شك فيه أن العلاقة بين الأم وابنتها علاقة معقدة وتتضمن عدة مستويات .. ومنها الدور التربوي المرسوم من خلال القيم الاجتماعية وهو ما تؤكد عليه معظم الأمهات.
إلا أن هناك دوراً هاماً يتمثل في أحد جوانبه الأساليب القهرية الذي تعرضت لها الأم نفسها عندما كانت صغيرة، والذي يشبه مسلسل "الحماة - الكنة " من حيث العلاقة السلبية والمشاعر المتناقضة والذي يؤدي إلى مشكلات اجتماعية ونفسية متعددة. وينتج عن مسلسل"الأم - الابنة "في جانبه السلبي أن تلعب الأم دور السلطة القاهرة التي تنتقد باستمرار ولا ترضى عن ابنتها .. وهي في سلوكياتها لا تشجع استقلالية البنت ولا تدعم هواياتها ومحاولاتها لتحقيق شخصيتها المستقلة.
ومن المهم الانتباه إلى أن العوامل النفسية هذه تعمل دون وعي أو إرادة واضحة في كثير من الحالات .ومن المهم أيضاً التأكيد على استقلالية الابنة ونموها وتطور إمكانياتها وقدراتها وهواياتها في مختلف المجالات الإيجابية، فالحياة متغيرة باستمرار وتحتاج الابنة إلى قدرات متنوعة كي تستطيع مواجهة حياتها ومسؤولياتها بشكل ناجح... والأم المتوازنة الحكيمة تستطيع أن تشجع ابنتها باستمرار وتحاول أن تأخذ بيدها إلى ما فيه صالحها .. ويمكنها أن تفرح وتسعد لتفوق ابنتها .. وتميزها في قدراتها المختلفة دون أن يكون ذلك تحدياً لكيانها وقيمتها .. فالأم العظيمة يمكنها أن تنجب رجالاً عظاماً .. ونساءً عظيمات.. والأم الضعيفة تنجب الضعفاء والضعيفات.. التشجيع يصنع المعجزات .. ويجعل الإنسان يعطي أحسن ما عنده ... بينما التبخيس والتصغير والإهمال يؤدي إلى جمود الإنسان وجفافه وعقده .