بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله


عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير"
أخرجه مسلم

*ماذا كان يقصد النبي صلى الله عليه وسلم في تعبيره:
"أفئدتهم مثل أفئدة الطير"

هل هذه القلوب مثل أفئدة الطير في صغر الحجم... فلا مكان فيها لغير الخير، أم هي كما يقول النووي
رحمه الله : ( في شرح صحيح مسلم للنووي 17 177).

-قوله صلى الله عليه وسلم:
يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير
... قيل مثلها في
ضعفها... كالحديث الآخر

:"أهل اليمن أرق قلوبا ً وأضعف أفئدة"...

وقيل في الخوف والهيبة والطير أكثر الحيوان خوفا ً وفزعا كما قال


الله تعالى

" إنما يخشى الله من عباده العلماء"...

وكان المراد قوم غلب عليهم الخوف كما جاء عن جماعات

من السلف في شدة خوفهم وقيل المراد متوكلون.. والله أعلم)
وقيل المراد هم المتوكلون على الله، وقال بعضهم: وهم في توكلهم على الله مثل الطير التي هي أعظم المخلوقات توكلاً على الله,
تجده يخرج في الصحراء لا يدري هل يلقى حباً أو لا, فيلقى حباً ويملأ الله بطنه طعاماً بدون حيلة.
-والنووي رحمه الله يشير إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"أتاكم أهل اليمن
هم أرق أفئدة وألين قلوبا ً ،الإيمان يمان والحكمة يمانية"
أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.

-ويقول النووي معلقا على هذا الحديث

والمعنى أنها ذات خشية واستكانة سريعة الاستجابة والتأثر بقوارع التذكير سالمة من الشدة والقسوة والغلظة)

-والشاهد من كل ذلك

بيان أن هناك علاقة ، بين الرقة و الإيمان والحكمة والفقه،

ولهذه الرقة النابعة من الإيمان سمات كثيرة،وإليك بعضها.




أهم سمات الرقيق:


-وهي تشمل كل المؤمنين رجالاً ونساءً، وشباباً وأطفالاً وهي:





-سرعة التأثر وسرعان ما تذرف العين.



-سرعة الاستجابة للحق.



-سرعة الاتعاظ والتذكير ، وكره الظلم بشدة.



- مراعاة مشاعر الغير واحترامها والاجتهاد في التلطف والحذر في أن يمسها بسوء.



-التفاعل مع من حوله والاهتمام بمشاعرهم فرحا وحزنا.



- التفكير في الآخرين، فإذا عجز عن مد يد العون، فلا أقل من أن يحمل همهم في قلبه وعقله.



-وهذه الصفات العامة التي يتسم بها أصحاب القلوب الرقيقة ،



والتي هي كأفئدة الطير،لها ضوابط مهيمنة،ومن أبرزها:



-لين من غير ضعف ، وقوة من غير عنف ،أي هيبة أو حزم من غير شدة... ثقة بالنفس من غير غرور أو تكبر.



-أن يحب ويبغض ويعطي ويمنع لله... ردود أفعاله ينبغي أن تكون متزنة دون إفراط أو تفريط... وفقا للضوابط الشرعية.



-كذلك من أعظم المعاني في هذا الحديث

أن صفة التوكل من أعظم ما نتعلمه من الطير، فالطير تحقق التوكل الكامل والصادق فلاأسباب لها تعتمد ا إلا السعي، لذلك على الأمة أن تعلم أنه كلما تحققت في القلب منزلة التوكل ،كلما تحققت الكفاية من

الله والنصرة لهذه الأمة،وتأمل معي في قوله تعالى:"ومن يتوكل على الله فهو حسبه ".





-فهي معادلة كلما زاد التوكل زادت الكفاية والحماية...

وكلما قل التوكل الحقيقي قلت الكفاية... وتخلف النصر...

ووكلنا الله إلى أنفسنا وأعدائنا... فعلى عموم الأمة أن تعيد حساباتها في قضية التوكل.





-وهذا المعنى جاء واضحا جليا

في حديث النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر بن الخطاب،فيما

رواه الترمذي:" لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً ".





-فأزمة الأمة الحقيقية في حسن التوكل على الله عز وجل... وهو أمر في غاية الأهمية... فعلى الدعاة والأئمة،

والمصلحين والمفكرين،أن يحيوا في الأمة معاني التوكل الحقيقية... مع الأخذ الأسباب الممكنة و المتاحة...

لأننا لا نشك بحال في كفاية الله لعباده المؤمنين،وقد قال سبحانه:"أليس الله بكاف عبده".







-وفي قراءة:"عباده"،فإذا تخلفت هذه الكفاية...

فلابد أن نعيد حساباتنا في مسألة التوكل على الله سبحان في كل قضايانا...

لأن التاريخ يؤكد أنه إذا تحقق التوكل كان النصر...
وما يوم حمراء الأسد ببعيد:
"الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم


فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم ".




-ومعارك المسلمين في القديم والحديث شاهدة على ذلك... فكلما تعلقت القلوب بربها... وتمسكت بدينه... وأقامت شريعته...

ولم تلتفت إلى الأسباب المادية كأسباب فاعلة بنفسها... بل تيقنت تمام اليقين أن الله ينصر بالسبب وبعكس السبب وبغير



السبب... كل ذلك تحتاج الأمة إلى تعلمه من الطير... فتتحقق السعادة الأخروية... والعز والتمكين في الدنيا.




-وما أجمل أن نضع هذا الحديث أساسا ً لحياتنا،ونتعلم من الطير هذه الصفات الرائعة... ونحن نردد دائماً:

"يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير".



اللهم اجعلنا منهم...