في المقالة الافتتاحية من جريدة الشرق الاوسط السعودية .. تحت عنوان «احنا اللي عربنا الإنجليزي»، لفتنا الانتباه إلى أسلوب استخدام الأحرف والرموز اللاتينية لكتابة كلمات تنطق باللغة العربية، وبخاصة من قبل من لا يجيدون اللغة الإنجليزية ولا يملكون جهاز كومبيوتر به نظام تشغيل يدعم اللغة العربية أو لوحة مفاتيح معربة. ووجهنا الدعوة حينها لكل من لديه المزيد من المعلومات عن هذا النظام لتعريف القراء به. ولم يمض يومان إلا وجاءتنا استجابتان. كانت الأولى من الزميلة حياة الياقوت، التي لاحظت أنه وبالاضافة إلى استخدام رموز وأحرف اللغة الإنجليزية، فإن هناك من يستغني عن إظهار أحرف العلة والتشكيل وكتابة الكلمة من دون الحرف الذي يعبر عنها، فبدلا من كتابة burkan للتعبير عن كلمة بركان يكتفى بكتابة burkan، وكلمة حياة تكتب 7yat وليس ayat7، وهكذا. أما الاستجابة المهمة الثانية فكانت مفاجأة، إذ كان موضوع مقالتنا المذكورة أعلاه هو أيضا موضوع بحث علمي أكاديمي، قدمه طالب دكتوراه سعودي متخصص في اللغويات والخطابة، ويدرس حاليا في جامعة ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأميركية. إذ وصلتنا رسالة إلكترونية من عبد الله البارقي يعلمنا فيها أن كان قد كتب هذا البحث لكورس مادة Computer and Composition، وقدمه وشرحه على أستاذة وطلاب في قسم اللغويات، حيث نال استحسانهم. لم أضع وقتي فطلبت منه على الفور إرسال نسخ من البحث للإطلاع عليه، وهو ما كان. فبعد ساعات قليلة وصلني البحث، وكان يحمل عنوانا يمكن ترجمته إلى العربية إلى «أحرف الهجاء العربية تتغير في الفضاء السايبري: نحو نظام كتابة عربي جديد باستخدام لوحة المفاتيح الإنجليزية». وكما هو الحال في أي بحث أكاديمي متقن، كانت دراسة البارقي غنية بالمعلومات، فقد تحدثت اللغة بشكل عام وعن اللغة العربية بشكل خاص، بما في ذلك تاريخها وأصلها ومزاياها وعلاقتها باللغات الأخرى. ثم انتقل إلى الهدف من بحثه، وهو تطوير نظام كتابة يشمل جميع الحروف العربية الـ 28 بحيث يمكن كتابتها باستخدام الحروف والأرقام وبعض الرموز التي يمكن الحصول عليها من لوحة المفاتيح الإنجليزية، حيث تناول جميع الأحرف العربية واحدا بعد الآخر وشرحها بالتفصيل، وبين كيف يمكن تمثيل أي منها سواء بحرف أو أحرف مقابلة، أو بأرقام يتشابه رسمها مع رسم الحرف العربي المطلوب بالإضافة إلى رموز مثل (" و .).
وفي حوارنا مع عبد الله البارقي قال «لقد شدني في الواقع فكرة اختراع نظام جديد للكتابه العربية باستخدام الحروف والأرقام والعلامات الأخرى في لوحة المفاتيح الإنجليزية، لتسهيل الاتصال باللغة العربية علي الانترنت لمن لا يتحدثون الإنجليزية أو يريدون استخدام كلمات عربية معينة في منتصف الحوار الإنجليزي مثلا»، وأضاف «لقد سعدت كثيراً بالمقالة التي قرأتها في جريدة «الشرق الوسط» لأنه من الضروري أن نلفت الانتباه لهذا النظام، حتى ينتشر بصورة أوسع ولكي يتعرف الناس عليه ويستفيدوا منه. فهو في رأيي الشخصي نقلة كبيرة في طريقة الاتصال بلغة عربية وأضحة تستخدم اللغة الإنجليزية».
ولا يدعي البارقي أنه أول من اخترع ذلك النظام، ولا يدري في الحقيقة من أول من بادر به، لكنه يقول «وبحكم متابعتي واتصالي بالإنترنت منذ 1999، لاحظت أن ذلك النظام لم يظهر إلا في منتصف عام 2000، حيث اقتصر حينها على استخدام الأرقام فقط، وهي 2 للهمزة و3 للعين و5 للخاء و7 للحاء»، ويضيف موضحا «أما أنا فقد قمت بإضفاء الصبغة العلمية للنظام وتطويره ليشمل الحروف الأخرى». ويرى البارقي أن تقنية الإنترنت قد أثرت على عديد من مناحي الحياة، ومن بين ذلك اللغة وطريقة استخدامها، وأن السيطرة فيها ما زالت للغة الإنجليزية، الأمر الذي دفع البعض لاستخدام أحرفها لكتابة كلمات عربية. وقال «ان ما ساعد على ذلك هو حقيقة أن اللغة العربية تكتب أصلا كما تنطق، وبخاصة أن كل حرف فيها له صوت واحد لا أكثر. إلا أن هذا النظام يفتقد ميزتين رئيسيتين للغة العربية، الأولى الكتابة بأحرف متصلة، بسبب أن الأحرف الإنجليزية لا تتصل، والثانية أن الكتابة ستكون من اليسار إلى اليمين، وليس بالعكس كما هو الحال عند استخدام أحرف اللغة العربية المعتادة». وقد لخص عبد الله البارقي نتيجة عمله في جدول يضم جميع الأحرف العربية، والطرق التي يمكن التعبير عنها بواسطة لوحة مفاتيح الكومبيوتر الإنجليزية، وها نحن نرفقه مع هذه المقالة لتسهيل الأمر على القراء والقارئات. وكمثال على استخدام هذا النظام الجديد يمكن الاستعانة بهذا الجدول لكتابة الجملة «ايش اخبارك ن شاء الله طيب وبصحة وعافية» لتصبح بأحرف إنجليزية كالتالي «eash a5barak ensha"allah 6ayeb we be9e7ah wa 3afyah». وبنفس الأسلوب يمكن كتابة رسالة كاملة. وقد يبدو هذا الأسلوب صعبا بعض الشيء، إلا أنه لا يحتاج الا إلى قليل من التدريب، والاستعانة بالجدول المرفق.
* الخطوة التالية والمستقبل
* ويرى البارقي أن ما تم حتى الآن هو الخطوة الأولى، أما الثانية، التي يأمل أن يبدأ بها قريبا، فستركز على إيجاد وسائل لتمثيل التشكيل وأحرف العلة، ويعلق على ذلك قائلا «كثرة حروف العلة في اللغة الإنجليزية وعدم وجود اطار واضح وموحد بين كتابتها ونطقها تجعل من السهل استخدامها بعدة طرق عشوائية لتمثل حروف العلة في اللغة العربية. فالكلمتان reel و realمثلا لهما نفس المقطع الصوتي الطويل وعليه فإن كلمة «عيد» قد تكتب 3eed أو 3eid". وأضاف «يلعب السياق دائماً دوراً كبيراً في فهم المعني ولكن استخدام حروف العلة في هذا النظام ليس له نظام يحكمه بسبب استخدامه لرموز إنجليزية اعتباطية غير مقننة. ولكن استخدام حروف العلة الإنجليزية لتقوم مقام حروف العلة العربية مهم في هذا النظام ليسهل فهم الكلمة كثيرا». وسألنا عبد الله البارقي عن مستقبل نظام الكتابة العربية الجديد، وعن إمكانية استمراره مع الدعم المستمر للغة العربية في أنظمة تشغيل الكومبيوتر وأجهزة الهواتف الجوالة، التي ستتيح استخدام الأحرف العربية نفسها بدلا من البديل الإنجليزي، فأجاب «في الواقع فإن النظام مخصص لمن لا يجيدون الإنجليزية للتواصل ويسهل لهم التواصل برسائل عربية مكتوبة بلوحة المفاتيح الإنجليزية. وهناك الكثير من مستخدمي الإنترنت العرب الذين عاصروا لوحة المفاتيح الإنجليزية اكثر من العربية، ويجدون سهولة ومرونة فيها اكثر ولهذا فهم يفضلونها. وفي الواقع فإن النظام لا يتطلب أي معرفة بالإنجليزية سوى الأحرف والأرقام والعلامات وما يقابلها بالعربية. أما إذا انتشرت الأجهزة والبرامج المدعمة للغة العربية فهذا شيء جيد ولكن هذا لا يعني ان التقنية العربية ستتوفر للجميع وفي كل مكان».


وهنا الرسم الذي يوضح الاحرف العربية التي اتخذ بدالها ارقام باللغة الانجليزية

ليسهل كتابتها ..

تفضلوا ..