أعادت السلطات الحاكمة فى دولة ميانمار تدريس لغة المون، وهى لغة طائفة المون التى عاشت فى جنوب شرق آسيا، وكان لها تأثير كبير على أغلبية ثقافة البورما، ورغم ذلك انحسرت لغة المون سريعا، وأوشكت على الاندثار.

"مى ناو كون" أحد الذين حلموا طوال حياتهم بتلقى دروس تعلم لغة "مون" كل يوم أحد، وهو من عرقية مون ويعيش فى يانجون بميانمار قال: "منذ طفولتى وأنا أريد تعلم لغة المون، والآن وقد تجاوزت الثلاثين عاما، حصلت أخيرا على فرصة تعلمها".

وعلى مدار الأربعة إلى الخمسة عقود الماضية، اختفى استخدامها كلغة مكتوبة بشكل كبير فى يانجون، أكبر مدينة فى ميانمار والتى كانت يوما بلدة تنتمى للمون. ولا تزال مستخدمة فى أجزاء من ولاية مون ولاسيما تلك الأجزاء الخاضعة لسيطرة جماعة حزب دولة المون الجديدة المتمردة، بحسب بحث أجراه مؤرخ مون " ناينج بان هلا"، وتقود لجنة أدب وثقافة المون فى يانجون الآن مهمة لإحيائها.

وقالت مى كون كون تشيت (50 عاما) نائبة رئيس اللجنة: "لقد تعلمنا لغة المون حتى المرحلة الابتدائية عندما كنت صغيرة".

وأضافت: "نأمل تطوير منهج خاص بتعليم لغة المون مجددا ولكننى أخشى أننى لا أستطيع أن أقول متى سنبدأ تعليمها".

وفى ميانمار، وهى دولة غنية بالتنوع العرقى، كانت لغات التشين والكارين والكاشين والشان محظورة فى مناهج التعليم المدرسى الرسمى خلال الحكم العسكرى، من 1962 إلى 2010، فى ظل جهود الحكومة لـ"توحيد الأمة " أو على الأقل لإسكات جماعات الأقلية". وجرى إلغاء لغة المون من مدارس يانجون عام 1967.

وفى عهد الحكم الاستعمارى البريطانى من 1824 إلى 1948، كان يسمح للأقليات العرقية بدراسة لغاتهم الخاصة على الأقل فى الولايات التى تعتبر مساقط رأسها.

وفى الوقت الذى تنتظر فيه اللجنة ليتم تدريس لغة المون فى المدارس مجددا، فإنها تروج لدراسات خاصة عن اللغة ومى ناو كون أحد طلابها.

الجدير بالذكر أن السماح بتدريس لغات الأقلية العرقية فى المدارس الرسمية هو نتاج أحد الإصلاحات الكثيرة التى يتم النظر فيها فى ميانمار اليوم/ والتى خضعت لحكم مدنى صورى منذ مارس عام 2011.

وفى العامين منذ توليه منصبه جعل الرئيس ثين سين الحكم من أولويات حكوميته توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع أكثر من 12 جماعة متمردة من الأقليات العرقية التى تقاتل من أجل الحكم شبه الذاتى فى مناطقهم التقليدية، وبعضها يقاتل منذ ستة عقود.

وفى إطار استراتيجية تحقيق السلام، خففت الحكومة القيود السابقة على استخدام اللغات العرقية، من بينها السماح للصحف باستخدام نصوص ليست باللغة البورمية.

وأصبحت صحيفة ثان لوين تايمز التى تصدر فى ماولامين عاصمة ولاية مون، أول صحيفة فى ميانمار تنشر أبوابا بلغة المون خلال الخمسين عاما الماضية.

وقال محرر الصحفيين مين مين نوى لشبكة ميزيما نيوز الإخبارية: "هذا إصدار تجريبى لصحيفتنا نظرا لأنه سيتم السماح لعمل الصحف اليومية الخاصة والمنافذ الإعلامية للغات العرقية من أبريل".

ويقدر تعداد عرقية المون بأكثر من مليونى شخص فى دولة يبلغ تعداد سكانها بأكثر من 60 مليون نسمة، وتقول الحكومة إن ميانمار تضم 135 أٌقلية عرقية رغم أن سبعا منها فقط لديها ولايات فى المناطق التى تحمل أسماءهم التقليدية، وهى تشين وكاين (كارين) وكاياه (كارينى) وكاتشين ومون وراخين، وشان.