اخواني الكرام السلام عليكم :
كانت اولى العمليات السرية للمخابرات المركزية، العمليات الدعائية والنفسية في أوروبا الغربية. ومنذ ذلك الحين بلغ التخريب الايدلوجي الذي نفذته المخابرات المركزية مطالاً كبيراً. فقد كانت إدارة المخابرات المركزية الهيئة الوحيدة التي سمح لها مجلس الأمن القومي باستخدام الدعاية السوداء، باصدار الوثائق المزورة والموجهة إلى حكومات واحزاب ومنظمات وبعض شخصيات الدول الاخرى، ولم تكتف المخابرات المركزية بتنظيم الدعاية السوداء بل لجأت إلى إيجاد علاقات مع المجتمع داخل أمريكا نفسها، وقامت كذلك بتوظيف عملائها في الصحافة والاذاعة والتلفزيون وطبعاً بموافقة مالكي وسائل الإعلام الجماهيرية. وهكذا تمكنت المخابرات المركزية من القاء الضوء على قضايا التجسس الخاصة، وقامت بحرب نفسية ضد شعوبها، وظهرت على انها أكبر دعاة العداء ضد الاشتراكية والسوفييت، وللعسكر وأفكار الحرب (على غرار ما يحدث الان ضد الاسلام). عن تشويش معلومات الشعب الأمريكي وتلويث الجو السياسي من المهام الايديولوجية للدوائر الخاصة.
وهكذا فإن وضع المخابرات المركزية في نظام السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية ليس ثابتاً. فهي على علاقة وثيقة مع السلطة الاحتكارية والمجمع الصناعي الحربي وتتبع للرئيس الأمريكي وتخضع لرقابة الكونغرس ووسائل الإعلام وأمام المجتمع. وتحاول إدارة المخابرات المركزية تحقيق السبق في الحصول على المعلومات السرية السياسية والعسكرية والاقتصادية والعلمية باتباع سياسة "الدفع باليدين" تجاه الهيئات الاستخبارية الاخرى، وتقديم هذه المعلومات للبيت الأبيض والكونغرس.
يتبع جهاز المخابرات رسمياً لسلطة الدولة، ولكن هذه السلطة مبنية بحيث تخدم مصالح رأس المال الاحتكاري. ولذلك فإن انتقال السلطة التنفيذية من الديموقراطيين إلى الجمهوريين وبالعكس مع ما يرافق ذلك من تغيرات في قيادات هيئات الحكومة، لا يؤثر ابداً على نشاط المخابرات المركزية. ان جذورها الضاربة في أعماق العاصمة تجعلها دائماً الأقوى في نظر أقوياء المجتمع الأمريكي.
تتمتع إدارة المخابرات المركزية بتأثير كبير في البيت الأبيض. انها لا تعطي فقط المعلومات، بل تشارك في صياغة نهج الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الدولي. وقد تعاظم هذا التأثير في السنوات الأخيرة. وتعود الكلمة الفصل في قضايا التجسس وقبل اتخاذ أي قرار رئاسي لمدير المخابرات المركزية. ولكن ليس فقط في قضايا التجسس، فمدير المخابرات المركزية ذو وزن كبير في صياغة السياسة الخارجية والعسكرية، وتوجيهاته معتبرة تماماً من قبل الرئيس. يجدر البحث في العلاقات بين الرؤساء ومدراء المخابرات المركزية عن نقطة البدء في الكثير من قضايا التجسس الامريكي، ويمكن ذكر عدة امثلة عن مبادرات المخابرات المركزية في تنفيذ العمليات الخطيرة جداً بالنسبة للشعوب والامم الأخرى من ناحية، ومن ناحية اخرى يمكن متابعة قرارات البيت الأبيض والكونغرس وتجمعات المحافظين وغيرهم من ناحية أخرى. ولكن إذا كان لابد من البحث عن النار التي تستوقد منها المخابرات المركزية، فهذه ستكون القرارات المشتركة التي يتخذها الرؤساء ومدراء المخابرات المركزية.
قامت كذلك علاقات واسعة بين مجموعة المخابرات المركزية (ومن بعدها إدارة المخابرات المركزية) ومالكي ومحرري ومراسلي مختلف وسائل الإعلام. وقد أمكن للمخابرات تستير عملائها تحت اسم ممثلي "الصحافة الحرة والمستقلة"وهذا لا ينسحب على الصحافة فحسب، فقد استفادت المخابرات من العلاقات الطيبة مع أصحاب المصانع والعلماء والقادة النقابيين والرجعيين ووجدت معهم لغة للتفاهم حول القضايا التي تهمها، ولكن كل ذلك تم بسرية كاملة.
لعب هذا الوضع دوراً هاماً في اختيار تكتيك إدارة المخابرات المركزية، الذي يقي بتنفيذ أكبر قدر من العمليات بايدٍ اجنبية، في حين يأخذ الأمريكيون على عاتقهم تخطيط العمليات وقيادتها وتأمينها بالمال والسلاح والوثائق اللازمة. وقد نفذ مرتزقتهم في مختلف البلدان الأعمال القذرة فقتلوا وشوهوا وعذبوا ودمروا وأحرقوا، ونقذوا لادارة المخابرات المركزية، منح فيها الإدارة إنجازين: عدم تحديد ومراقبة استهلاك الأموال وتحريرها من الرقابة القانونية التي تفرضها وزارة العدل.
كما تقسم المديريات الامنية إلى دوائر تختص كل منها بدولة واحدة فقط. تطلق الصحافة الأمريكية البورجوازية اسم "الألاعيب القذرة" على نشاطات فرع العمليات وخاصة نشاط أولئك الموظفين الذين يعملون على تخطيط العمليات السرية" وتنفيذها، كالقتل السياسي والانقلابات والارهاب والدعاية السوداء وغيرها. وقد أثارت بعض الاخفاقات للعمليات السرية النقاش حول جدوى عمليات التخريب السرية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
وقد أبدى النائب الأسبق لمدير المخابرات المركزية ومدير فرع المعلومات الاستخبارية شكوكه حول الفائدة الحقيقية من العمليات التخريبية التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية. ومن ناحية أخرى فإن هذه العمليات حسب رأيه تسيء لسمعة الحكومة الأمريكية ولا تمثل وسيلة لتنفيذ الولايات المتحدة لسياستها الخارجية. ويضيف النائب: "اقترح ان تقلع بلادنا وإلى الابد عن تنفيذ العمليات التخريبية كافة".
وخلافاً لهذا الاعتقاد، فإن الرجل الذي شغل منصباً في إدارة المخابرات المركزية وهو منصب المستشار غير الرسمي للبيت الأبيض في شؤون المخابرات وكبير مستشاري مركز الادارات الدولية والاستراتيجية التابع لجامعة جورج تاون في واشنطن، ورغم انه يعترف بأن "العمليات السرية الامريكية، وخاصة العسكرية منها منافية للقانون من وجهة نظر الشعب الذي يعاني منها" ومع ذلك فهو يرى انه من المجدي التدخل السياسي السري في شؤون الدول الأخرى". فذلك في نظره حالة وسطى بين الدبلوماسية وإنزال قوات مشاة البحرية. هو اسلوب أفضل من الحرب، ومن العمليات التخريبية السرية التي أثارت ضجة اعلامية كبيرة العمليات شبه العسكرية) الفوضى المسلحة)الموجهة بالدرجة الأولى ضد حركات الحكومات الوطنية.
وهذا ما يدعو للقلق فيما يحدث في بعض الدول الاسلامية...........والسلام عليكم