بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعد الله المسلمين بالحفظ مما عذبت به الأمم عموماً , كالرجم والخسف والجدب والغرق والصيحة وما يجري مجراها من موجبات الهلاك العام قال تعالى ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ )]الأنعام65[ , روى الإمام البخاري بسنده عن جابر مرفوعاً ( لما نزلت هذه الآية (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ) ]الأنعام65[ , قال رسول الله صلى اله عليه وسلم أعوذ بوجهك . قال (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) ]الأنعام65[ , قال أعوذ بوجهك , (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) ]الأنعام65[ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذا أهون آو هذا أيسر ) .

وقد استجاب الله دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم , فأعاذ أمته من الاستئصال بعذاب من السماء أو الأرض , كالرجم والخسف والجدب والغرق , روى الإمام مسلم بسنده عن سعد بن أبي وقاص مرفوعاً ( سألت ربي ثلاثاً فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة , سألت ربي ألا يهلك بالسنة فأعطيتها , وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها , وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها ) , وروى الإمام أحـمد بسـنده عن خباب بن الأرت مرفوعـاً (سألت ربي تبارك وتعالى ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة , سألت ربي عزوجل : ألا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا , فأعطانيها وسألت ربي عزوجل ألا يظهر علينا عدواً غير فأعطانيها , وسألت ربي عزوجل ألا يلبسنا شيعاً فمنعنيها ) .

يقول ابن حجر ( دخل في قوله : بما عذب به الأمم قبلهم الغرق كقوم نوح وفرعون , الهلاك بالريح كعاد , والخسف كقوم لوط وقارون , والصيحة كثمود وأصحاب مدين , والرجم كأصحاب الفيل , وغير ذلك مما عذبت به الأمم عموماً ) .

ومن أعظم ما يحقق الوعد بحفظ المسلمين من الاستئصال البشارة ببقاء طائفة منهم على الحق حتى تقوم الساعة , روى مسلم بسنده عن ثوبان مرفوعاً (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهو كذلك ) , والعصمة من الاستئصال ثابتة لجنس الأمة لكل طائفة منها , لأن العذاب العام سيقع على طوائف منهم , روى الإمام أحمد بسنده عن صحار العبدي مرفوعاً (تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل , فيقال من بقي من بني فلان ) .

والوعد بحفظ الإسلام وأهله مٌغيا بمجيء أمر الله كما في حديث ثوبان فإذا جاء رفع القرآن فلم يبق منه في الأرض آية , وعاد الناس إلى عبادة الأوثان عودة تامة حتى لا يبقى على ظهر الأرض موحد , روى مسلم بسنده عن أبي هريرة مرفوعاً (لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء أهل دوس حول ذي الخصلة ) ,

وروى بسنده عن أنس مرفوعاً ( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله ) .
وروى ابن ماجه بسنده عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب , حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك , وليسرى على كتاب الله في ليلة , حتى لا يبقى منه في الأرض آية ) .

والمراد بمجيئ أمر الله هبوب ريح حمراء من قبل اليمن تقبض كل من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان , روى مسلم بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى , فقلت : يا رسول الله إن كنت أظن حين أنزل الله " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ "]التوبة33[ , أن ذلك تاماً ؟! قال : إنه سيكون من ذلك ما شاء الله , ثم يبعث الله ريحاً طيبة , فتوفي كل من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان , فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم ) .

وروى بسنده عن عبدالله بن عمرو مرفوعاً (يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين .. فيبعث الله عيسى ابن مريم , كأنه عروة بن مسعود , فيطلبه فيهلكه , ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة , ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام , فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه كثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه ..

فيبقى شرار الناس في خفية الطير , وأحلام السباع , لا يعرفون معروفاً , ولا ينكرون منكراً , فيتمثل لهم الشيطان فيدعوهم : ألا تستجيبوا ؟

فيقولون : فما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبداة الأوثان
)

وروى بسنده عن عبدالرحمن ابن شماشة المهري قال ( كنت عند مسلمة بن مخلد وعنده عبدالله بن عمرو بن العاص , فقال عبدالله : لا يقول الساعة إلا على أشرار الخلق , هم شر من أهل الجاهلية , لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم . فبينما هم على ذلك أقبل عقبة بن عامر , فقال له مسلمة :يا عقبة ! اسمع ما يقول عبدالله , فقال عقبة : هو أعلم , وأما أنا فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله , قاهرين لعدوهم , لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة , وهم على ذلك " فقال عبدالله : أجل , ثم يبعث الله ريحاً كريح المسك , مسها مس الحرير فلا تترك نفساً في قلبه مثقال ذرة من الإيمان إلا قبضته , ثم يبقى أشرار الناس عليهم تقوم الساعة ) .

وهذه الريح كما هو ظاهر تكون عند قرب الساعة , وتظاهر أشراطها ولهذه وقع التعبير عنها في بعض الأحاديث بقيام الساعة , كهذا الحديث وحديث جابر بن سمرة المتقدم .